فجعت أسرة صحيفة «الاتحاد» صباح أمس، بالرحيل المفاجئ والمبكر للأخ والزميل الأستاذ علاء نصار الذي لبى نداء ربه، وغادر دنيانا الفانية تاركاً في قلب جميع من عرفه الحزن والحسرة.
كان وقع الخبر عليّ صاعقاً، إذ كنت قد تلقيت منه قبل رحيله بساعات رسالة «الواتساب» التي اعتاد أن يرسلها لي فجر كل يوم متضمنة عدد الصحيفة، ولم أكن أعلم أنها ستكون الأخيرة.
زاملنا الأستاذ علاء خلال السنوات الماضية في الاتحاد مشرفاً فنياً في محطة من محطات رحلته مع الإخراج الصحفي الذي كان يعتبره فناً، ويتعامل معه برؤية الفنان والمبدع، ويحرص على تنوع لمساته الفنية في كل عدد، وهو صاحب تجربة ثرية في إخراج المجلات في مصر والإمارات، وله مدرسته الخاصة التي تولي الصورة أهمية خاصة، وفق رؤية بصرية متفردة.
وإلى جانب حرفيته ومهنيته العالية تميز بخلق رفيع وطيب معشر يأسر الجميع بهما، ليشعرك بأنه يعرفك منذ أمد بعيد.
حالة الحزن والصدمة التي عمت الجميع منذ إعلان خبر وفاته، تعبّر عما يكنونه للراحل، وعن الكيفية التي تتحول فيها علاقات العمل إلى روابط هي أقرب لروح الأسرة الواحدة، بفعل الساعات الطويلة التي يقضيها المرء في موقع عمله، خاصة في صرح إعلامي بحجم صحيفة «الاتحاد»، وقد تعاقب عليه أفواج وأعداد من الكوادر والكفاءات والخبرات الإماراتيين وأشقائهم من شتى بلدان العالم العربي، شاركونا محطات مختلفة من الرحلة الجميلة والممتعة والثرية بالمعرفة قبل أن يترجلوا عنها تحفُ بهم مشاعر الحب والوفاء والامتنان والتقدير.
كان علاء نصار من أولئك الرجال الذين لا يضنون بالرأي ونقل الخبرة والنصح والتوجيه من أجل خروج العمل بصورة مرضية للقراء، الذين لا يعرفونه، ولكنهم يلمسون ويستشعرون إبداعاته وفريق عمله.
خلال الأيام القليلة الماضية السابقة على رحيله المفاجئ، كان التعب بادياً عليه، ومع هذا كان يتحامل على نفسه، ويواصل عمله بذات الهمة والنشاط والحماس والإبداع، غير مكترث بتراجع حالته الصحية، خاصة بعد إجراء العديد من العمليات الجراحية لعينيه المرهقتين. العينان اللتان أتعبتهما الأيام وضغوط السنين، والمترعتان بحب العمل والتفاني وحب الجميع.
عند دخوله قاعة التحرير في طريقه إلى مكتبه في القسم الفني، كان يحرص على تحية الجميع، ويدعوهم بأسمائهم وألقاب اختارها لهم، وكان من نصيبي مسمى «دكتور»، عبور تتخلله وقفات تحليلية لمخاضات صدور عدد اليوم السابق، بملاحظات قيّمة هي بمثابة ملاحظات موجزة لا يجدها المرء في الكتب أو الكراريس، وإنما من واقع التجربة التي تضيف جديداً للآخرين.
رحم الله أبا يوسف، وتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأسكنه فسيح جناته، وخالص التعازي لأسرته في الإمارات والشقيقة مصر، ولمحبيه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.