في فبراير من هذا العام، نشرت محطة سي إن إن فيديو عن فرس تدعى بريتي، وهي ترقص على موسيقى الميتال، وهي صيحة موسيقية عالمية شهيرة. وكلما حضرت الألعاب الأولمبية أتوجه أولاً إلى مسابقات الفروسية؛ فهي اللعبة التي يذكر فيها اسم الفارس والفرس، وتجذبني مسابقات الترويض، ثم اختراق الضاحية، وقفز السدود، وكنت أسأل نفسي دائماً: هل يرقص الخيل عند سماع الموسيقى؟
يبدو أن ذلك صحيح، لكن ماذا عن الترويض وحركة الجواد وعلاقته بتوجيهات الفارس؟
إن الترويض إحدى رياضات الفروسية التنافسية، ويعرّفها الاتحاد الدولي للفروسية بأنها «تمثل أسمى تعبير عن تدريب الخيول»، حيث يُتوقع أن يؤدي كل من الفارس والحصان سلسلة من التحركات المحددة مسبقاً والمحفوظة في الذاكرة، ويمضي الجواد بخطوات راقصة في خطوط محكمة، ويرقص و«يتحنجل» ويستبدل حركة الأقدام، ويتباهى، ويختال، ويبدو سعيداً، ويقودك أنت أيضاً أيها المشاهد إلى درجة من السعادة.
الفروسية واحدة من أجمل الرياضات الأولمبية التي تستحق المتابعة مثل ألعاب القوى، والسباحة والجمباز، وأتوقف دائماً عند اللعبات الفردية في الأولمبياد، ولولا مشاركة منتخب مصر الأولمبي لما شاهدت مباراة كرة قدم واحدة ضمن برنامج دورة باريس، مع تقديري للعبة الشعبية الأولى في العالم، إلا أنها في الأولمبياد ليست الأولى، وقد كانت كذلك حتى انطلقت بطولة كأس العالم في أوروجواي عام 1930، وقبلها كانت منافسات كرة القدم في الألعاب الأولمبية هي كأس العالم للعبة ومنحت أوروجواي شرف تنظيم المونديال الأول، لأنها توجت بالذهبية في دورتي 1924 و1928.
نحن العرب، نعيش كجمهور ونقاد ومعلقين ومحللين على أعصابنا مع ممثلينا في الألعاب الأولمبية، ونقف ونهتف، ونصرخ، وهم يتبارون ويتنافسون، ويفوزون أو يخسرون، وقبل كل دورة أولمبية وبعد كل دورة أولمبية تعيش الحركة الرياضية العربية حالة من الجدل بشأن النتائج والتوقعات والفروق الواضحة في المستويات بين دول تتنافس على جمع المئة ميدالية في الدورة الواحدة وبين مستوانا، حيث جمعنا 129 ميدالية في الدورات التي شاركنا بها منذ دورة 1912، وحين جمعنا في دورة طوكيو السابقة 18 ميدالية كان ذلك إنجازاً عربياً، الأسباب يطول شرحها، لكن المشكلة الأعمق هي عدم فهمنا للألعاب الأولمبية، وعدم فهمنا لمشاق التدريب، وجودته، وجديته، وصعوبة المنافسات، بجانب الحالة الفنية والنفسية للرياضي لحظة خوض المنافسة، وللأسف صدر الإعلام العربي إلى الرأي العام منذ عشرات السنين جملة التمثيل المشرف، دون تعريف جاد وعميق لمعنى التمثيل المشرف في الألعاب الأولمبية، مع أن المركز الرابع أو الخامس وحتى الثامن يمكن أن يكون تمثيلاً مشرفاً عند هذا المستوى الرفيع.
 وزاد الطين بلة هذا الربط بين البطولة والإنجاز وبين الميدالية، بينما في دورة طوكيو مثلاً وزعت 1080 ميدالية وعاد قرابة العشرة آلاف رياضي ورياضية إلى بلادهم من دون ميداليات، ولم يتهموا بالفشل وتشويه سمعة بلادهم!
** هل نفهم الألعاب الأولمبية؟ هل نحتاج إلى فهم هذا المستوى الرفيع والعالمي من الرياضة؟ هل نعرف ما هو التمثيل المشرف؟
أترك لكم الإجابة.. ويكفي اختصارها بنعم أو لا!