كتبت سنوات في سير ذاتية لنساء شغلن الرأي العام العالمي، فجمعت خلال عقد 380 امرأة متفحصة سيرتهن وأفعالهن وسعيهن، ليس استحساناً ولا استهجاناً، إنما تقديراً لطريق شاق سلكنه بجد واجتهاد. انشغلت كثيراً بإصرارهن وصبرهن على كل المعوقات. وعندما جمعت بعضهن في كتابين امتعض الكثيرون، وأعلنوا عدم رضاهم لغياب حسناوات العرب عن المجموعة المختارة! أسترجع ذلك بعد عقدين من إصدار كتابي الأول «العالم امرأة»، وأستذكر بحثي الدؤوب في الحدث العالمي المؤثر على منطقتنا العربية، وقراءة في نشأة نساء من ثقافات أخرى، وكيف أن الهم واحد والدأب واحد والنجاح ملهم والتحقق مدوٍ.
عندما أصدرت كتابي الأول (العالم امرأة.. رؤى في سير وأحداث) ذيلت غلافه بفقرة أشرت فيها إلى التنوع الذي يتمتع به المضمون، فكتبت: «إن مجرد مراجعة أسماء شخصيات الكتاب، ستجد نفسك أمام جملة من التباينات والاختلافات التي يشعر بها أي متأمل لخريطة للعالم توضح الأقاليم الجغرافية والمناخية.. فبين مرتفع ومنخفض.. متجمد واستوائي.. بحر ويابس.. جاف وممطر.. تعيش شخصيات كتابي. من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.. في رحلة لا تقل متعتها عن متعة النظر إلى الأرض من الفضاء».
النساء مختلفات فعلاً عن الرجال في طريقهن الطويل، هو أكثر تعرجاً وأشد قسوة؛ ولذا كان استحقاقهن عالياً، وهو ما لم يدركه الكثيرون ممن استهجنوا اختياراتي. فأن تخرج فتاة من واقع يملؤه البوس والضياع الأسري لتكمل تعليمها الجامعي وتتميز في عمل تطوعي وتترأس لجاناً في حزب مغمور، وتصعد معه لتصل إلى رأس السلطة في بلادها، ثم تأخذ قراراً له تأثير على دول تبعد عنها الآلاف من الأميال لهو شأن يستحق أن يرصد، وأعتقد أن الأوان قد آن لرصد مستحقات أخريات أكثر قريباً.