في عصر التشققات السياسية، في عالم يطفو على بقع زيتية لزجة، وعلاقات مشوبة بمخاوف الخطر الذريع، ومهج بشرية تذروها رياح المصالح الأنانية، ونهج أخلاقي يتجاوز حدود المنطق، وجغرافيا مزقتها أحلام ما بعد الصحوة.
في وسط هذه العواصف، والنواسف، تبرز الإمارات كشعلة في ظلام العالم، وشمعة تضيء وجدان الناس إلى كلمة سواء تزيح عن كاهل الشعوب وهناً، وعهناً، وشجناً، ومحناً، وترفع عن صدور العالم جبالاً من ركام الصراعات، والحروب العشوائية، والعبثية، وتدفع عن حضارتنا البشرية أنياب أطماع ومخالب الجشع البشري في الغطرسة، وسطوة القلوب المتفحمة.
الإمارات اليوم في العالم، النهر الذي يروي أشجاراً جفت جذورها، ويبست أغصانها، وذبلت أوراقها، ولم يسع الخيرون إلا أن يلحوا هذه الغابة المتعجرفة كي يخففوا من وطء الخطوات الحمقاء، ويذللوا الصعاب، ويعبدوا الطريق كي تمر عربات السلام، ويحل الأمن والاستقرار، وتنتفي الصدامات، وتنتهي الاختناقات بين مضايق البحار المؤدية إلى محيطات المحبة، والرحمة بين الناس أجمعين.
الإمارات اليوم تقوم بأدوار سياسية موشومة بطابع إنساني نبيل، إيماناً من قيادتنا الرشيدة بأنه من الحكمة أن ينتصر الإنسان على ذاته، وأن يتجاوز طموحات اللا منطق، وأن يحقق أحلامه بما لا يتعارض مع أحلام الآخرين، ولا يضر مصالحهم، ولا يسيء إلى أخلاق الحضارة الإنسانية الرائعة التي بنيت من طين العقل الخلاق، والنفس البارعة في اختيار ما ينفع، ونبذ ما يضر.
اليوم، الدور الذي تتبوأه الإمارات، يصل إلى شغاف النجوم، محققاً آمال الشعوب التي عانت ويلات الحروب، وقاست أسباب الفقر والمرض والأمية، لذلك فإن هبة الإمارات، هي هبة الغيمة في إرواء العشب، وهي وثبة الجياد في حماية الإرث التاريخي للشعوب، وهي وقفة النبلاء دفاعاً عن الحقيقة، وصمود النجباء في وجه الخراب البشري، ولعبة الأمم الغارقة في العبثية، المتوغلة في أتون الغبار التاريخي، الغائصة في أحلام اليقظة وكوابيسها، وفواجعها، ومصائبها، وكوارثها.
اليوم الإمارات ميسم الداء العضال، وبلسم الجروح المثخنة، الإمارات لا تنتمي إلا إلى الحق لكونه المصل الذي يعيد للحياة الإنسانية عافيتها، ويمنحها القدرة على استعادة المعالم الحضارية الراقية، وترك كل ما يهدم ما تم بناؤه بعقول أحبت الحياة، فاجتهدت، وجاهدت من أجل حياة حرة، مرفهة بالعلم النافع، والعمل الشافع، والخير الذي يعم الجميع من دون استثناء، فكلنا أبناء الأرض، فهي خيمتنا، والسماء سقفنا.
هذه هي الإمارات، وهذه هي قيادة الإمارات، تمضي قدماً بمبادئ المؤسس الباني، وتفكر دوماً في الأجمل من أجل سعادة العالم، وتعمل بفضيلة التفاني والإيثار، لأجل عالم يزخر بالحب، ويتمتع بالخير.