خلف الضباب تبدو العاصمة الرائعة وردة من وراء نقاب شفاف يطل على المستقبل برائحة البنفسج تعطر عباءة امرأة صحت صباحاً، وفي عينيها كحل الطموحات البراقة، وبريق الآمال المبهجة، وفي قلبها يكمن حب الوطن وشغف التطلعات عالية المنسوب، والأهداف شاسعة الحدقات، كأنها السماء تطل على الأرض فتمنحها مطر الحياة، تمنحها عشب التألق في مجالات أوسع من المحيط.
خلف الضباب، هناك امرأة لها في التاريخ صفحات أنصع من النجوم، وأروع من الموجة، تمشط جديلة الوعي بهمة ونشاط وإرادة الأنثى في تشذيب شجرة الحلم بإدراك يعلو كعبه، وترتفع هاماته حتى بلوغ الفجر حتى سطوع القمر حتى شعشعة الأهداب الذهبية في القرص الكوني المهيب.
خلف الضباب عاينت القامة وتأملت في الكتاب الصباحي، وقرأت سيرة امرأة مكثت كثيراً في الصحراء، تحطب لغة الأيام بأنامل كأنها قلم الضاد، كأنها نبوغ الوردة عند عتبة باب منزل مشرع على المدى، كأنها عين النورس يترصد زعنفة التفاؤل، ويذهب بالفرح نحو غايات أبعد من الأفق، أقرب من القلب، أبهج من ابتسامة الطفولة.
خلف الضباب، هناك امرأة ترتب جديلة الصباح، وتعطر عباءة الوقت بعبق الامتيازات المنهمرة من سقف وطن أعطى فأجزل ومد ووسع المدى، فامتدت خيوط الآمال حتى جاوزت الصحراء ومداها حتى حاذت العيون التي في طرفها حور، حتى أصبحت في الحياة، أنبل خطوة، وها هي المرأة اليوم توسع الدرب باتجاهات استثنائية مبكرة، ونحو فرادة مدهشة.
خلف الضباب، نشعر اليوم ونحن ننظر إلى عيني المرأة، وكأننا نقرأ لدانتي «الكوميديا الإلهية» فتستعين بالأبجدية كي تلهمنا، القدرة على مواصلة القراءة، فبحر اللغة في ضمير المرأة، هو بحر الشعر، هو بحر الأمنيات، هو بحر الأغاني الصيفية حينما تعبر سفن السفر إلى الأقاصي، وتهم الموجة في وشوشة الأسماع منبئة عن فوج من لآلئ، وبحيرات من عرق تسبح على جباه سمر، وعلى الشطآن هناك الواقفات المنتظرات على أحر من الجمر، حيث العودة الميمونة، تزحف على أرصفة الأمنيات، هناك حيث الوصل يخفي الفواصل، وأنصال الأرق تغمد حرقاتها.
المرأة الأمس، هي المرأة اليوم، والغد، والخطوات سلسال ذهب يطوق وعي المرأة بأهميتها في قلب الوطن وضرورتها في دفع السفينة نحو البحر، ورفع الشراع عالياً باتجاه السماء.
اليوم المرأة هنا، في هذا الزقاق، في حي، أو حارة، هي بنت الأحرار الذين صنعوا من تراب التعب مجد الوطن، والذين اختزلوا التاريخ نسيجاً وطنياً مكتمل العبارة اسمه الإمارات الحبيبة، وزمن يبني أواصره على نغمة الحب، وترنيمة الشفافية، وقافية مدوزنة بأهداب الشمس الطالعة صباحاً ترتل آيات المجد المجيد، وتكتب على سبورة الحياة اسم يوم جديد فيه تتلاقى المرأة والرجل عند مضارب العمل الوطني، يجمعهما الحب والإخلاص والصدق، التفاني، من أجل أن تستمر راية الإمارات في العلا، مرفوعة بأجنحة النوارس.