بينما العنف يبسط أجنحة الشر في فلسطين ولبنان، تفرد الإمارات جناح المحبة، وتنثر حروز الخير في ربوع الأشقاء والأصدقاء دون استثناء، وتواصل طيور الخير رحلاتها بين الجغرافيا، في زمان عزت فيه الرحمة، وأصبحت المشاعر أشبه بنشارة الخشب، والقلوب مواطن للرثاثة، والكراهية، وصارت الحياة مجرد صراع البقاء بين أنياب ومخالب.
اليوم الإمارات تبدو في الساحات إنسانية تنعم برفاهية الحب، وبذخ التضامن، وترف التسامح، من أجل عالم تصفو فضاءاته من الافتراء والهراء، ومن أجل شعوب تفرك جفونها صباحاً لترى شمساً تتألق بأهداب الفرح، وأشجاراً ترفرف بوريقات النشوء والارتقاء، وسماء زرقاء من غير سوء، وأرضاً تزخر بأقدام تسقي بعرقها جذور التاريخ، وتمني أطراف الحضارة ومتونها بعناصر القوة، والطاقة الإيجابية.
هذه هي الإمارات، هذه أيقونة الجغرافيا، وأسطورة التاريخ، تتبوأ مكانتها التي أوصى بها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وعلى أثره تسير القيادة بحكمة النبلاء، وشيمة النجباء، بإيمان راسخ أنه لا طريق للحياة سوى طريق التضامن، ولا سبيل للنجاة من بؤس العالم سوى ابتسامة، ولا بياض في هذا الوجود سوى بياض الصفحات في كتب التاريخ ونقائها من دنس العصاب والعصبية، ولا مجال لصناعة طفولة آمنة مطمئنة إلا بتحكيم العقل، ونبذ الصراعات، وكبح جماح العنجهية، وجبرت الذات المتخمة بالكراهية.
لا مجال أبداً لغير سواء السريرة، ونقاء العقل من أفكار سوداوية، ومشاعر معتمة، وخيالات كأنها مستنقعات، ومياه راكدة ضحلة.
الإمارات بالفعل تقود المرحلة إلى مناطق خضراء، مزروعة بأحلام شعب فتح العيون على أنهار من الأيادي البيضاء، والتفت إلى المدى فوجد دولة كأنها الجواد تذهب بعيداً إلى كنوز الخير، لتغرف منها إلى كل من به عوز، وكل من نالته أيدي البطش، والغطرسة، والتسلط.
هذه هي الإمارات، وهذا ما تمناه زايد الخير، وهذا ما تسعى إليه قيادتنا، وعلى الرغم من ضبابية أجواء العالم، إلا أن الإمارات تقول دائماً لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، وبكل إيجابية تذهب بلادنا إلى حيث تكمن الحقيقة، حقيقة أن الصواب لا بد أن ينتصر على كل الخزعبلات، وكل الشعوذات، وكل الشعارات، وكل الصلف والغرور، وكل الانهيارات الأخلاقية التي تخيم على عقول من بهم شطط وغلط ولغط.
هذه هي الإمارات اليوم تذهب إلى العالم بنفس ملؤها القناعة بأن زمن الحروب سوف ينتهي، وأن معارك داحس والغبراء سوف تغرب شمسها، ولا بد أن يستعيد العقل مكانته، ويعيد قدرته على قيادة العالم إلى شواطئ الأمان.