يسكن الصمت في الرمال وامتدادها الأصفر البهيّ، لكن في العمق تنام الحكايا والأسرار. الإمارات وطن يجمع كل تجليات الطبيعة والجغرافيا البهية، سيرة فخر كتبتها يد الزمان على التلال، وصارت الريح تنطق بها في مسرّات الأرض وذكرياتها. ومن «الجمل»، وهو رمزنا الصحراوي، قدمت الإمارات دروساً في الصبر على الشدائد مهما كان نوعها، ونموذجاً ناجحاً في فن تحويل التحديات إلى فرص. ومن فهم أهلنا للصحراء، تعلّمنا أن المسير نحو الضوء لا ينتهي أبداً، هكذا تعلو بنا القيم الأصيلة التي منحتنا إياها طبيعة هذه الأرض ورسّختها في وجداننا.
ننظر للنخلة كأم، النخلة التي أشبعتنا من ثمرها وكستنا من سعفها وحمتنا من الريح. ومن درس النخلة، بنينا وطناً أساسه الانتماء أولاً إلى حب هذه الأرض، ثم رفعنا رأسنا لنطاول به حدود الفضاء. ومن النخلة تعلّمنا أن نعطي بلا مقابل، وأن نمد يد المحبة والتسامح والتعايش إلى جميع الشعوب. هكذا نروي عروق أحلامنا بالقيم النبيلة، ونذهب واثقين إلى معانقة المستقبل.
اختارت الإمارات طائر «الصقر» رمزاً للرؤية الثاقبة والبعيدة. ومن هذا الرمز ذهبت لتبذر أحلامها بلا نهاية. ولأننا صرنا نرى المستقبل بوضوح شديد، صار حاضرنا أكثر وضوحاً، حيث الخطوة تعرف في أي طريق تسير، وحيث القلب يهتدي إلى مكان النبع ليشرب، ثم ليكمل المسير. وكلما ارتفع الصقر بجناحيه وشق عباب الريح، كلما تهيبته السحب الداكنة، وانقشعت من أفق انطلاقته نحو النور البعيد.
السفينة في رمزية الإمارات لا تعني الإبحار والسفر فقط، بل هي بيت الربان الذي تتكاتف القلوب والسواعد معه ليقودها إلى بر الأمان. ها هي التقلبات حولنا من كل صوب، لكن السفينة تمضي وتشق طريقها. ها هي الأمواج تعلو وتهبط في خضم الصراعات، وسفينتنا بحكمة ربانها تجد المرسى تلو المرسى. لقد أدركنا منذ البداية أن استمرار الرحلة أهم من التعجّل في الوصول. هكذا نختزن حكمة البحر في سواعدنا، ونظل نرفع الأشرعة مهما راوغتنا عواصف التيه.
واخترنا شجرة «الغاف» رمزاً، لأن فيها فلسفة الإصرار على الحياة حتى لو كانت الأرض جرداء والموارد شحيحة. ولنا في «الخنجر» رمزٌ للهيبة والتحدي والنزال. ومن رموزنا أيضاً السماء الصافية، والنجمة السهرانة، وقمر الوضوح، وهلال البداية والهداية، وقصائد حب الحياة. نعم، الإمارات اليوم كلها رمز للخير، وشعبها رمز للكرم والعطاء، وأرضها رمز للتفاهم بين الشعوب.