تحضر دولة الإمارات في المجلس العالمي، كدولة راعية للمصير البشري، دولة تضع أولويات العالم منصبة في تقديم ما يحفظ الود بين الإنسان والإنسان كون البشر جاؤوا جميعاً من منطقة واحدة، هو هذا الوجود الممتد من السماء حتى الأرض، ووجود الإخفاقات في مناطق معينة من هذا العالم، هو كبوة للقافلة العالمية برمتها، وهو انهيار في جانب معين من الحضارة العالمية، لأن الهدف من التطور ليس طغيان جزء من العالم على أجزاء أخرى، وهو الأمر الذي تسعى الإمارات إلى كبح جماحه، وردم هوته، وترميم جدرانه، وإقامة صرحه، ومنع تسرب المياه الضحلة، إلى غرفه، ورفع سقفه، وحمايته من التشققات.
هذه السياسة الإماراتية مبنية على مبادئ رسّخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثرها تمضي قافلة القيادة الرشيدة، على تأكيدها، وتثبيتها، وسقيها بماء المكرمات، وتغذيتها بالمُثل الإماراتية والعادات والتقاليد التي نشأت عليها بلادنا.
في معرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير «ديهاد» رسالة صريحة ومباشرة للعالم الغني، بأن أمنا الأرض أصبحت اليوم ترزح تحت نير الحفرة السوداء الوسيعة التي تفصل بين عالمين، عالم يرتع بالرخاء، وآخر يقبع تحت ركام تاريخ طويل من ازدحام تيارات عاصفة من الفقر المدقع، الأمر الذي يستدعي أن ينهض العالم، ويرفع البصر ليرى ما يختبئ من أنين، تحت البساط العالمي المنقط بجماليات خارجة عن مألوف الحياة الإنسانية. في هذا المؤتمر الذي ستحتضنه دبي أيقونة العالم، سيكون هناك نبش فيما تحت ركام الغبار، للعثور على مصدر الصرخات التي تدوي في العالم، وتصم الآذان، والتي تنتظر من يسمعها، ويرد الصدى، ويفعل ما يمكن أن يدفع الأذى، ويخفف من معاناة مساحة واسعة من العالم. وفي هذا المعرض سيتم عرض تجارب الدول التي حققت مستويات عالية في النمو، لتستفيد منها دول ما زالت تبحث من بين الظلام عن مسارب تؤدي بها إلى النور، خارج الدوائر الضيقة.
في هذا المعرض ستكشف الاجتماعات، عن مدى فداحة الخطر الذي تركه الفارق الاقتصادي، بين الأغنياء في هذا العالم والفقراء، وما يتوجب على الجميع فعله لسد هذا المجرى الخطير، وليس المطلوب إهداء الفقراء أموالاً كي يعيشوا في رخاء، وإنما هو مؤتمر يدعو إلى اكتساب الخبرة، والاستفادة من التجارب الناجحة، وتحسين القوانين، في الدول الفقيرة، بحيث تسمح لانطلاق المواهب، التجارية لديها، ونموها، لتمسك بالطريق الصحيحة في تطوير اقتصاداتها.
ومثال على ذلك، فإن دولة الإمارات حاضنة هذا المؤتمر، ستعرض تجربتها الثرية بسخاء، وستقدم كل ما يمكنه أن يسهل الطريق التنموية في البلدان المحتاجة إلى مساندة، وتعزيز، ودعم اقتصادها، وهذه جبلة إماراتية جبلت عليها في مساعدة المحتاج، والتضامن معه، والتعاون من أجل رفعة الجميع ومن دون استثناء.
الإمارات لديها تجارب عديدة في مجال الوقوف كتفاً بكتف مع كل دولة تحتاج إلى المساعدة، والشواهد كثيرة على ذلك، فهناك قوافل إماراتية تعبر المحيطات، وتصل إلى أبعد بقعة في هذا العالم من أجل تحسين أداء دولة ما، إن تعديل أوضاع دولة أخرى، كل ذلك يحدث والهدف منه أن نرتقي جميعاً، ولأننا إنسان واحد، على بقعة واحدة وهي أمنا الأرض.