على هذه الأرض، يفترش التسامح ملاءة السلام، والوئام، وبمباركة الخيّرين، تواصل سفينة الحب ملء الخواء الفضائي بفيض من أفكار تسمو بالإنسان، وتعلي من شأنه، وتجنبه ويلات وخيبات، ومعضلات، وهزات، ورجّات، وتمنحه المناعة، بقناعة، ضد كل ما ينسف، ويخسف، تمنحه الحميمية، تمنحه الشدو في المدى، ورفع النشيد عالياً، من أجل عالم يحتضن الود فيمنحه القوة. يمنحه المسيرة، الذكية، والسيرة، وسبر الهوى، وما له من تفاصيل في العمق، كدفق يسري في عروق الحياة، ويهدي الوجود، حضارة جديدة تستعيد مآثر الذين جعلوا من الحياة خيمة دفء، وجعلوا من الأرض حضناً، وسكناً، وشجناً، وفناً.
الإمارات وقد اتخذت قرارها الأزلي في صناعة واقع إنساني مزخرف بالحب، واقع يطفو على بياض موجة الفرح، واقع يمضي بسفن الحياة نحو غايات، أوسع من مخمل الغيمة، وأنصع من نحر النجمة، وها هي اليوم، ها هي الإمارات، منسجمة مع مآثر زايد الخير، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، تمضي حقباً باتجاه الوعد، والعهد، بأن تكون بلادنا موئل غزلان الحب، وموطن فراشات الجمال، ومنبت زهرات العطر، والعبق الرائع.
الذين يزورون الإمارات، يعرفون أن فكرة التسامح ليست شعاراً، يرفعه الإعلام، وإنما هي واقع حال، وهي اللغة ببلاغتها، تسري على لسان كل من يعيش على هذه الأرض، وكل من يستنشق هواءها، وكل من يعيش تحت سمائها. إنه التسامح الذي حط على شجرة بلادنا العملاقة، وبنى عش الأخوة الإنسانية، حتى أصبحت الإمارات الدولة العالمية التي تصدر السلام، فيأتيها الحب طيعاً، سخياً، كريماً، حليماً، يمد للمدى مداد الشفافية، ويمنح الحياة رونق الجمال، والألفة، بين ما يتجاوز المائتي جنسية. هذا التلاحم، هذا التضامن، هذا النضج في المشاعر، لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لرؤى كبرت دائرتها، واتسعت حدقتها، حتى أصبحت اليوم، كوناً يستدير على محيط من البشر، يرسم الحلم، بإرادة قائد وهبه الله الحكمة، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، باني نهضة الإمارات، ومشيد حصونها. اليوم نشهد هذه الروعة، وهذا الرونق الجمالي، حيث مهارة الفكرة تفوق التصور، وتتجاوز عصوراً من الزمن؛ لأن الفكر لم يتوقف يوماً عن بث الحب ترياقاً للتواصل مع الآخر، والسلام بين العالمين، لأن العبارة واضحة، والقصة جلية، بأنه لا حياة للإنسانية من دون سلام، ولا سلام من غير حب، ولا حب من غير وعي بأهمية أن نكون معاً، وضرورة أن نمتلك ناصية التسامح، وننتصر لكليتنا، وجمعتنا المباركة.
هذه الدولة بفضل، وفضيلة المؤمنين بالتسامح ككتاب مفتوح على آخره، استطاعت أن تهزم العزلة، وتردم حفر التاريخ، وتخدم البشرية، بنفس مطمئنة، ملؤها الحب للإنسان في كل مكان، فلا تضاريس، ولا لون، ولا عرق ولا دين يعيق المبادئ السامية التي سكنت فؤاد قيادتها.