قبل البدء كانت الفكرة:
كلما جاء رمضان، أظل أفكّر كيف يمكن أن يكون رمضان أجيالنا القادمة؟ وكم سيختلف عن رمضاننا الذي تقاربت فيه الأجيال، وحاولنا أن لا يخرج عن طقوسه وأصالته بقدر المستطاع؟ لكن الأجيال الجديدة نراها تركض إلى الأمام بسرعة، ناثرة على جنبات الطريق كثيراً من أشيائها الجميلة والقديمة، بحكم أمور كثيرة داخلية وخارجية، وأمور تغريبية إلى حد «وخز» الهوية المحلية، والبراءة من خصوصيتها.
خبروا الزمان فقالوا:
- الأخلاق نبتة جذورها في السماء، أما أزهارها وثمارها فتعطر الأرض.
- الحياة قصيرة فلا تقصرها بالنكد، والأصدقاء قليلون فلا يقل عددهم باللوم، أما الأعداء فهم كثر، فلا تزيدهم بسوء الخلق.
-  لا تمشِ على الطريق المرسوم، لأنه حتماً سيوصلك إلى ما ذهب إليه الآخرون.
تجليات العربية:
كانت العرب تسمي الجوع والإفلاس أبو عمرة، ويسمى خوان الطعام أبو جامع، والخبز الحوّاري أو الكركي أبو نعيم، وخبز الجدي أو خبز الرقاق أبو حبيب وأبو ثقيف، والملح والتمر أبو عون، والهريسة أم جابر، والخبيص أبو رزين، ويسمى الرجل الذي بلا نعل، حاف، والعريان، هو الذي بلا ثوب، والحاسر، بلا عمامة، والأعزل بلا سلاح، والأكشف لا ترس له، والأميل لا سيف معه، والأنكب لا قوس معه، وتفرق العرب بين الأعجمي، وهو غير الفصيح الذي يمتنع لسانه من العربية فلا يفصح، ولو كان من سكان البادية، أما العجمي فهو من بلاد العجم، وإن كان فصيحاً، قال تعالى: (ولو نزلناه على بعض الأعجمين).
من كل واد حجر: 
معنى تسمية العرب الأشهر القمرية أو العربية، محرم، لتحريم الغزو والنهب والحروب فيه، صفر، لأن بلادهم تصفر خلال هذا الشهر من أهلها في بحثهم عن الماء والكلأ والرزق، ربيع الأول وربيع الآخر، لارتباع الإبل فيه وطلبها من نبات وعشب وكلأ، جمادى الأولى، وجمادى الآخرة، بسبب وقوعه حينها في فصل الشتاء حيث يتجمد الماء من شدة البرودة، رجب، لأن العرب كانت ترجبه أي تعظمه، لعدم وقوع الحروب فيه، وكان يسمى قبلها الأصم، شعبان، لأن العرب تتشعب وتتفرق للغارات بعد انتهاء الأشهر الحرم، رمضان، لوقوعه حينها في الصيف من الرمضاء وشدة الحر، شوال، لأن الإبل تشول بأذنابها فيه طلباً للتكاثر، ويقولون: تشولت الإبل، جف لبنها، ذو القعدة، لأن العرب تقعد فيه عن القتال والغزو، ذو الحجة، لوقوع موسم الحج فيه.
أشياء منا.. وعنا: 
نقول: مجَيّم ما يشتغل أو ما ينفتح، ونقول: حرمة معرون، صعبة المراس، ورجل متحرول، غير قادر على المشي كالمقيد، ونقول: فلان متفيج، لديه الوقت، ونقول: أنكفض ما عندنا فاقة، ليس لدينا متسع الوقت، نقول: طايح في ربيع أو مقيل في ربيع، ونقولك طايح مغَيّل في الخير، ومنها اللغيغة، وهي عجينة الطين والماء والتبن، ومنها يصنع اللِبن، وهو الطابوق الطيني، وهناك الغِيلة وهي تشبه اللغيغة ولكنها غير رطبة كثيراً، والغيل مكان الزرع والنبات والماء الجاري ولبن الحامل، ونقول: فلان مهنن، يفكر، وفلان مويِّم، مهموم وفيه حزن، يقول الشاعر: 
يوم ييته لأنه مويّم
ليت ريلي ما سلجت صوبه
يعل يود السحب المدِيم
تسجي يلي حلو مايوبه
محفوظات الصدور: 
صاح طير إعمان في عشوشه
راعبي العين غنّالي
إمرحت بي وسط حوشه
في نعيم وبارد أظلالي
عند بن حامد ويا عوشه
واستووا لي ناس واهالي
ريت عِرش القيض مفروشه
بالكرم والزين واجبالي
 *****
عفت الوسن يوم أسهرنّي
طير ينوح وغصن غرياف
ماخذ من الغصن التثنّي
ومن الدماني جِيد وأسلاف
ومن الدجى لي عاد جَنّي
ساف على ساف على ساف
عساه في الأيكة وعَسنّي
في لام والف وبينهن قاف