كنا في السابق ننظر بانبهار إلى الأطفال والصغار في بعض المجتمعات، وبالأخص في اليابان وكوريا الجنوبية والصين، وكيفية تعاملهم مع حالات الطوارئ والأزمات، لا سيما في المدارس اليابانية، حيث تُعدّ الهزات الأرضية حالة اعتيادية وشبه يومية.
اليوم، نحن من يبهر العالم بما نعدّ له أطفالنا وأجيال الغد من مهارات وقدرات للتعامل مع أي ظرف، انطلاقاً من رؤية قيادة حكيمة تنظر إلى إعداد الإنسان منذ الصغر وتزويده بالعلوم والمهارات كأولوية قصوى، واستثمار في المستقبل وللمستقبل.
من هنا جاء الإقبال الكبير الذي شهده معرض «جاهزية الأجيال»، والذي أُقيم ضمن فعاليات القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، التي اختتمت أعمالها مؤخراً في أبوظبي، وانعقدت تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي، مستشار الأمن الوطني.
عندما كنتُ أتجوّل بين أقسام ومنصات وأجنحة القمة، لفت نظري وجود أعداد من النشء، مما أثار استغرابي في البداية، قبل أن يتضح لي الأمر بوجود المعرض، الذي يُعد الأول من نوعه في العالم. وقد لقي، كما ذكرت، إقبالاً كبيراً من الطلاب والصغار من مختلف المراحل العمرية.
يتماشى المعرض مع شغف الأجيال الجديدة بالتقنيات، خاصة وأنه قدم منصة تستعرض تقنيات المحاكاة العالمية، وكيفية التعامل مع المخاطر بالنسبة للفئة العمرية اليافعة. 
كما صاحبه تقديم مواد تعليمية وترفيهية تغرس ثقافة الاستعداد للطوارئ بين الأطفال والشباب، إلى جانب ورش عمل تفاعلية حول التخطيط الأسري لحالات الطوارئ، وعرض محاكاة عملية لحالات الأزمات وغيرها. 
كما شمل تعريف هذه الفئة العمرية بكيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية، وقدم المركز الوطني للأرصاد عرضاً تعريفياً لروّاد المعرض حول الزلازل، مع تجربة محاكاة لكيفية حدوثها، وإرشادات السلامة المتبعة في مثل هذه الأحوال وغيرها من الحالات الطارئة.
إنه جهد كبير واستثنائي لقي تفاعلاً واسعاً من الأطفال وذويهم، الذين قدّروا هذه الخطوة واعتبروها مبادرة تثقيفية مهمة، تزود المشاركين بمهارات مطلوبة تمكّن كل فرد في المجتمع من القيام بدوره تجاه الآخرين، وتُرسّخ حب الخدمة المجتمعية، والتآزر، والتعاون، واستدامة المجتمع.
وأتذكر البرامج الاستثنائية التي نفذتها هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية لمجنديها، إذ شملت، إلى جانب التدريبات العسكرية، تزويدهم بمهارات تشغيل مرافق الخدمات الحيوية عند الحاجة، خلال فترات الطوارئ. إنها رؤية تعتمد على التخطيط العلمي للمستقبل في مختلف الظروف، بحيث لا تُترك الأمور للصدف.
جاهزية تامة تعنى بإعداد أجيال الغد لكل الظروف، ليس ذلك فحسب، بل تمتد أيضاً إلى القدرة على التعامل مع الطوارئ في الخارج، لمساعدة الأشقاء والأصدقاء.
نجدد الشكر والتقدير لمنظمي القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات والقائمين عليها، لهذا التنظيم المبهر والمعرض المبتكر.