التعليم مصباح منير، وضوء أخضر باتجاه الحياة، ينبع من صفحات بيضاء منقوشة بالحبر، وما الكلمة إلا زهرة معلقة على أغصان حلم بأهمية الوعي، وضرورة وجودية كي نعي أننا موجودون، وأننا نعيش على تراب حبات رمله كلمات، وقطرات مائه حروف منسوجة على صفحة العقل. اليوم الإمارات تجتاز حواجز جمة، وتمهد الطريق بالقراءة، كون القراءة هي الموجة التي تنظف العقل من رواسب (اللاأعرف)، والقراءة خلق جديد لإنسان جاء إلى العالم بفطرة واسعة الفراغ، شاسعة الثقوب. والقراءة هي الآلة السحرية التي تحول البياض إلى حديقة ملونة بالمعرفة، ليصبح الإنسان الفطري، كائناً محملاً بأحلام إبداعية في مختلف نواحي الحياة، بدءاً من الكتابة على رمل البحر، وانتهاء برسم صورة المستقبل على صفحات العقل، ليصبح العقل بيت الكينونة العامر بثقافة زاهية، ومعرفة ثرية بفسيفساء كونية تجعل من الإنسان محملاً يفيض بعلم اللحظة، وعلوم التاريخ. إنساناً يتحول من اللاشيء إلى إنسان حيوي، محوري، يصوغ قلائد العقل من جوهر نفيس اسمه العلم.
مؤسسة التنمية الأسرية عملت منذ بدء نشوئها على استقطاب كبار المواطنين، وجمعهم على مائدة العلم إيماناً من مسؤولي المؤسسة، بأن العلم هو شراع السفر إلى حيث يكمن الوعي بأهمية الدور الإنساني في بناء مجتمع يحمي نفسه بالعلم، ويطوق عنقه بالمعرفة، ويسجل للتاريخ أن القراءة هي مفتاح الوعي. وكم هو الإنسان بحاجة ماسة إلى وعي يرشده إلى طريق السواء، ويحفظ له الود في علاقات أسرية قائمة على كنوز المعرفة، علاقات أسرية ممنهجة على أسس العلم النافع، المبني على قراءة ما ينفع، ويزين العقل بالثقافة المعرفية الغنية بمفاهيم حول علاقة عمودي الأسرة وهما الزوج والزوجة. فعندما يعيش الزوجان وهما مسلحان بالمعرفة، يستطيعان بناء أسرة متوادة، تتقاسم هموم تربية الأبناء على أسس منطقية وصحية تنهل من العلم ما يسندهما في التعامل مع الضيوف الجدد الذين يحلون على الأسرة بتجارب لم تزل خاوية وتحتاج إلى أبوين يمتلكان زمام المعرفة في التعامل مع الصغار، ويستطيعان مواجهة تقلبات الظروف الاجتماعية، ومتغيراتها، ويجيدان الإمساك بالثوابت التي تضيء الطريق أمام الأبناء ومن دون عصبية جاهلية، ولا مماطلة غير واقعية في التربية، وعن طريق القراءة يستطيع الوالدان النهل من كنوز العلم، وتحولات التجارب الجديدة التي تتناسب مع الظرف الذي يعيشه الجميع. 
وبالقراءة يكون الوالدان قد حضرا درس التعلم، واستفادا من التطور الحديث في علوم التربية الاجتماعية، ولأن مؤسسات الدولة أولت اهتماماً بالغاً بالقراءة، وفي مقدمتها مؤسسة التنمية الأسرية، فإن مجتمع الإمارات اليوم يمشي تحت أضواء علمية مدروسة، وضعت الإنسان محور اهتمامها، وجوهر توجهها، وهو الأمر الذي جعل الأسرة في بلادنا تنعم بالاستقرار، والطمأنينة، ويعيش أفرادها، تحت سقف خيمة أعمدتها راسخة في الأرض، شامخة في السماء، وهذه هي فضيلة العلم، وسمة الاهتمام به، وهي الثقافة المجتمعية التي وضع أسسها باني نهضة بلادنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي دعا دوماً إلى فتح دور العلم والثقافة للصغير والكبير من أبناء الإمارات، كون العلم هو الذي يبني مواهب الأجيال، وعلى نهجه القويم سارت القيادة الرشيدة وكرست الجهود من أجل بناء مجتمع متعلم واعٍ، مثقف يستطيع مواجهة التحديات وقادر على التعامل معها بوعي وحصافة، وكياسة.