تحتفي مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالكتاب بطريقتها الخاصة، وبمميزاتها التي عرفناها بها، إذ يحتضن جناح المؤسسة لهذا العام سلسلة أنشطة، من أبرزها برنامج دبي الدولي للكتابة، وهو برنامج يضم باقة من الجلسات النقاشية تسلط الضوء على تجارب الكتابة الإبداعية للشباب، وخاصة فيما يتعلق بكتابة الرواية والقصة. وكم هي الفكرة رائعة، ومحفزة للملكات لفئة من المبدعين هم الشباب، هؤلاء الذين لهم حكايتهم، ولهم صيغة سردهم، ولهم ذلك الخيال الجامح، الواسع، الذاهب بعداً ورؤية نحو عوالم تداخلت والمرحلة، الراهنة، وتفاصيلها، وحيثياتها، وإمكاناتها، وسعراتها الحرارية التي يتميز بها الشباب.
فاليوم هناك قفزة حضارية تنعم بها دولة الإمارات، وهناك حراك ثقافي يمتد من الصحراء حتى البحر، تقوده دولة فتية لها في عوالم الابتكار منزلة رفيعة، ولها في شوامخ المجد الإبداعي طرائق قدد، الأمر الذي يفتح أمام شبابنا نوافذ واسعة، ولذلك نقول إن مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، هي في حد ذاتها تفتتح معرضاً للإبداع يسهم في رفد الكتابة بمنجزات ذات معنى، ومغزى تحتفي به دولتنا الحبيبة.
ولم يزل الحوار الثقافي مستمراً في مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، بين صنوف السرد مشتركاً مع الرسم كونه من طرائق المخيال البشري، الذي منه تنطلق خيول المعرفة، واستكشاف الذات البشرية، ولا يمكن للكلمة أن تأخذ مجالها المعرفي الحقيقي، إلا بوجود ذلك الجدول المائي المنطلق من ينبوع خيال العقل الباطن ودوره في تنميق الحياة، وإشاعة الحفل البشري في أرجائها.
اليوم في الإمارات تمخر سفين الخيال آفاقاً، وتعبر مضائق، وتمر في الشجون، والشؤون، وتفتح للأسئلة الإبداعية مدى، وتغدقها بمداد، وتمتد علامات السؤال الأزلي حتى تطال غيمة السماء، حتى تلامس الروح، وتعرج نحو عيون، وشفاه، ويكون التساقي كما هي الأجنحة. تصفق للحياة، وترفرف للوصول، وهو الوصول الذي تحدث عنه جبران خليل جبران قائلاً «استمر في المسير ولا تتوقف، في الاستمرار يحدث الكمال». وتلك هي خاصية دبي.
ومن أهم ما تهتم به المؤسسة في لقائها هذا عبر المباشرة في تأثيث وجدان الشباب برؤى، تتسرب وعياً في المخيلة وتحقيق الأهداف السامية في الثورة الرقمية، كونها جوهر المسعى المعرفي، وكذلك الذكاء الاصطناعي الذي يمر عبر كل قنوات، الثورة المعلوماتية، وما يندرج تحتها من علم الإنسان المدموج بعلم الأداة التي يخترعها الإنسان، ومن دون المساس بقيم الإنسان الفطرية، بل دعمها، وتعزيزها، وترسيخ جذورها، بحيث تصبح الآلة المصطنعة من أدوات التطور التي يتجه نحوها الإنسان.