تتأمل المشهد، وتدخل في التفاصيل، وتجول في الأفق، تلقى المدى يأخذك إلى جملة واحدة لا غير، وهي أن الإمارات اليوم أصبحت وجهة العالم، وبوصلة أمنياته، وشراع تطلعاته، والسفينة التي تقله إلى المستقبل، ومن دون ضجيج، ولا حشرجة، ولا أنفاس متقطعة، وما يحدث اليوم من سبك في السياسة، وغزل في الاقتصاد، ونسج في الثقافة، يؤدي إلى قناعة راسخة أن الإمارات هي مركز الدائرة، وهي القلب في صدر العالم، وهي الرئة في الجسد الممتد من الأقصى إلى الأدنى في هذا العالم المترامي، هذا العالم الذي يحتاج فعلاً إلى دولة بمقاس الإمارات، وإلى سياسة تضاهي سياسة الإمارات، وإلى ثقافة برونق الثقافة الإماراتية، العالم بحق يحتاج إلى دولة ترعى العالم بعين كأنها الشمس، وقلب كأنه الظل.
وفي زمن تمزقت فيه المراحل الحضارية، وتعرقلت القوافل في رمال التزمت، برزت الإمارات دولة خالية من أدران التعنت، صافية كعيون الطير، رخية كوردة صحراوية، تراعي أجنحة الفراشات، وتلامس وجدانها، برقة، وحنان.
اليوم والحروب قد طحنت الأكباد، ومزقت قمصان الطمأنينة، وسحقت أقدام الحفاة العراة، يحتاج العالم إلى دولة مثل هذه الأيقونة لترسم صورة الحياة كما هي، وليست كما شوهها أصحاب الأجندات السوداوية، والعقول الخاوية، والقلوب المتخمة بالكراهية في ظل هذا الغليان الذي يشوي جسد البراءة، يحتاج العالم إلى أياد أرق من لمسة النسائم، وإلى عقول تسكب الأفكار النيرة، كما تسكب الغيمة فراتها، وكما تسكب الموجة بياضها.
منذ فجر التأسيس، كان القائد الباني والمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يرفع الصوت عالياً، من أجل نشيد إنساني حالم بالحب، ورفاهية الشعوب وعلى أثره تمضي القيادة الرشيدة، بمبادئ السلام، وحسن القيام والختام لشعوب العالم قاطبة، ومن دون استثناء لأن القناعة لدى القيادة، أننا نعيش على ظهر قارب واحد، وسلام بلد واحد، هو سلام للعالم أجمع، وما يسيء إلى شعب في أي بقعة من هذا العالم الواسع هو جرح يتعمق في صدور الشعوب في الأوطان الأخرى، الأمر الذي جعل دولة الإمارات تمد اليد لكل من في ضميره نبرة حب، وكل من في وجدانه ما يمنع الضرر لنفسه وللآخرين، وهكذا نرى اليوم بلادنا، أصبحت قطر الدائرة، ووترها، ومحيطها، ومركزها، بلادنا اليوم تتصدر دول العالم في تأسيس المؤسسات التي تعنى بالقيم الإنسانية، وتهتم بثقافة الجمعي وليس الفردي.
الإمارات في حقيقتها، دولة عالمية، بالشكل والمحتوى، الإمارات مسك ختام حضارة الشفافية، وهي الذروة في العطاء من أجل عالم خال من الضغينة، الإمارات خلقت هكذا، بلسم الجروح، وميسم القروح، هي هكذا بالفطرة دولة الأمثلة السامية، والنماذج المثالية.