مع الملايين حول العالم، تابعنا الانتصار القانوني الكبير لبلادنا، في مقابل السقوط الحتمي والمدوي لـ «زمرة البرهان» في محكمة العدل الدولية، التي رفضت كل الترّهات الموجّهة للإمارات.
ففي قلب لاهاي، جاء القرار حاسماً ونهائياً، راسماً الخيبة على وجوه المدّعين، معلناً أن كل الادعاءات التي وجهتها هذه الزمرة تفتقر إلى الأساس القانوني ولا تستوفي شروط الاختصاص القضائي، رغم كل المحاولات الحثيثة لتسويقها وترويجها.
 لم يساورنا الشك ولو للحظة، بحتمية السقوط، لأسباب عدة، في مقدمتها: أن محكمة العدل ملتزمة بالمعايير القانونية الدولية، ولا تتأثر بحملات التشويه والتضليل، أو الأساليب الرخيصة والمراوغات السياسية، ولا تتعامل إلا مع الحقائق.
 بالمقابل، كانت الثقة كبيرة في نهج بلادنا التي لا تنحاز إلا إلى السلام الذي يحقن دماء الشعوب، ويضع حداً لمعاناتها الإنسانية، ولا يخضع للابتزاز مهما كانت الظروف، ومهما علا الضجيج.
ربما لم يكن بحسبان هذه الزمرة أن الذهاب إلى محكمة العدل الدولية، سيضيف دليل براءة موثوقاً إلى الإمارات، ذلك أن القرار الصادر ليس مجرد إجراء قضائي فحسب، بل شهادة دولية جديدة على التزام بلادنا العميق بالقانون الدولي.
والآن، وبعد هذا السقوط، لا يُخفى المأزق الكبير، والمعضلة التي تواجهها هذه الزمرة، بالتوازي مع توالي الانتكاسات والانقسامات والانهيارات والغضب الذي يشتعل داخل قواعدها، التي وضعت السودان في سياق مكتمل للجريمة والكراهية، خطاباً وسلوكاً، على الرغم من طيبة شعبه ونبل أبنائه الذين يمقتون الإرهاب وقوى الظلام.
سيسجل التاريخ على «البرهان وزمرته» أنهم تحالفوا مع الارتزاق، وعرضوا بلداً عظيماً بشعبه وتاريخه إلى خسارات كثيرة لا تطاق، وحاولوا -ولا يزالون - تغيير انتمائه وطمس هويته لصالح أيديولوجيات تغامر بثروات الأوطان ومصير شعوبها.
واليوم، وبعد ذلك الانتصار القانوني الكبير، نتساءل: أما آن لـ «البرهان وزمرته» أن يدركوا أن مسارات التسويف والتلاعب والهروب من المسؤولية لن تنقذهم من أزمتهم، وأن الحل الحقيقي يبدأ بوقف نزف الدم، وإسكات المدافع، والدخول في حوار وطني شامل يضع مصلحة السودانيين فوق كل اعتبار.
أما آن لهذه الزمرة أن تدرك بأنه لا حلّ عسكرياً في السودان، ولا مستقبل إلا بدولة مدنية تحفظ دماء الشعب وتحمي وحدة أراضيه.
على كل حال، فإن محكمة العدل الدولية قالت كلمتها، بينما موقف الإمارات من الأحداث في السودان ثابت لم يتغيّر منذ اليوم الأول للأزمة، وسيظل كما هو داعماً للسودان ومنحازاً للاستقرار.