رجال من هذا الوطن تسعدك ابتسامتهم، وتمنحك كلماتهم الودية فرصة استعادة فرحتك وأنت تذهب إلى قضاء معاملة أرهقتك، وأسهرت عينيك، وأنت تفكر في كيف ستتم معالجة خطأ ما في تخليص هذه المعاملة «المعضلة». ولكن القيم الرائعة التي يتمتع بها موظف أو مسؤول في دائرة مهمة من دوائر البلد التي تلتصق خدماتها بشؤون الناس، وشجونهم، تجعلك تستعيد قدراتك على مواجهة مشكلة أرّقتك، وأتعبت عقلك وأنت تبحث عن الحلول، وأنت تتساءل: كيف أستطيع الخروج من هذا المأزق؟ وكيف سأتمكن من الوصول إلى حل يريحني من المشي على جمرات القلق اليومي؟ 
حقيقة، في الإمارات رجال لو وضعتهم على الجرح، يكونون شفاء، ودواء، وتكون أنت في حضرتهم، بين أيد أمينة، وضمائر كأنها الغيمة الممطرة تقشع عن كاهلك غبار السنين. في صباح يوم حار تقريباً، حيث درجة الحرارة قاربت الـ «الأربع والثلاثين» شعرت وأنا في قلب السيارة التي أقلتني إلى بلدية أبوظبي، في مقرها الجديد المؤقت، أن مشاكل البناء أصبحت مستعصية، وأن لا حل لها، بل إن دورة الذهاب والإياب والبحث عن الحلول تحتاج إلى صدر أوسع من المحيط حتى يتحمل الإنسان الأسئلة الأصعب من أسئلة الرياضيات التي كانت شائكة في زمانها بالنسبة لي، ولكن عندما يحالفك الحظ، وتصطدم عيناك بشخص، وجهه أرهف من وريقة التوت، وكلماته أنعم من النسيم، وابتسامته فراشة تتسرب بين صفحات وردة برية، يدخل إلى قلبك السرور قبل أن تحظى بنتيجة اللقاء، فأحياناً ليس المهم حل المعضلة، وإنما الأهم هو المعاملة بالحسنى التي تضفي على مشاعرك دف ثلج، وتبرد القلب، وتملأ الخاطر مناعة ضد الاكتئاب، وهذا ما حدث لي في بلدية أبوظبي، وهذا ما لمسته من لقاء رجل من شباب بلادنا الطيبة، «خالد سيف المزروعي» وهو شاب في عمر الزهور، كان لمقابلته الأثر الطيب الذي طبعه في قلبي، وعلمني درساً بأن بلادنا بلاد خير، وأن شبابنا جبين هذا البلد الناصع بياضاً، الفائض بأعمال الخير، واحترام كل من يصل إلى مكانه طالباً، تخليص معاملة، وهذا قد يقول البعض: إنه واجب ويجب تأديته، ولكنني أقول: يا ليت كل العالم يعرف واجباته، لما تعطلت معاملات، ولا تأخرت إنجازات، ولما تعرقلت مطالبات. 
المسألة خارجة عن القوانين، المسألة مرتبطة بضمائر الناس، وأخلاقهم، وتربيتهم، وقدرتهم الفائقة على تحمل العبء الثقيل، وأكداس الطلبات التي تدخل في النظام الكمبيوتري وتحتاج إلى حلول سريعة، وباتة، وهذا ما نرتجيه من شبابنا.
واليوم الإمارات بلغت مبلغ النجوم، وتحتاج إلى رجال تتشعشع قلوبهم، بفيض من الإبداعات التي تشرف البلد، وترفع من شأن الوطن. النماذج الأخلاقية المبهرة، تملأ مؤسساتنا، وهي نماذج مشرفة، وتستحق الذكر، والإشادة، لتكون عبرة لغيرها، وتكون درساً يستفيد منه الآخرون.