تتواصل في بلادنا جهود مواجهة التطرف، وترسيخ الوعي وقيم المواطنة والتسامح باعتبارها مكوناً أساسياً وجوهرياً للتنمية البشرية.
الجديد هذه المرة، أطلّ من نافذة جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، التي نظمت ندوة بعنوان «تنظيم الإخوان المسلمين: خطاب التطرف والتضليل»، مُلقية الضوء على هذه الجماعة وخبثها وقدرتها على الكذب وخداع الجماهير تحت شعارات رنانة.
قد يتساءل البعض: لماذا «الإخوان»، وقد سقطوا جميعاً بعد أن انكشفت بشاعة «ربيع الفوضى»، ولفظت الشعوب فكرهم الذي يحتكر تمثيل الإسلام، وينكر الدولة الوطنية، ويدعو للخروج عليها..؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، نقول: إن من يستقصي أيديولوجية حركات وتيارات الإسلام السياسي، وأخطرها «جماعة الإخوان»، يدرك بسهولة سلوكَها الذي يشبه إلى حد كبير «الأفاعي» في الاختفاء والظهور والتلوّن حسب تغير الظروف والأحوال، مع تمسكها الشديد بميراثها في التآمر والخداع، الأمر الذي تدركه مؤسساتنا البحثية جيداً، وعلى رأسها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، التي تأخذ على عاتقها مهمة تنمية الوعي بمواجهة التطرف، ودعم خطاب الاعتدال.
وبما أننا في «عام المجتمع»، فمن المهم بمكان التركيز على ترسيخ هذا الوعي، الذي راهنت عليه بلادنا منذ نشأتها، باعتباره المكون الأكبر والأصيل لمشروعها التنموي بمحتواه الإنساني.
ولعل ذلك هو السر في عجز التيارات المنحرفة عن النفاذ إلى مجتمعنا الذي يقف بأكمله ضد التطرف، وضد كل من يتبناه نهجاً أو طريقاً أو سلوكاً أو مفهوماً، فيما يفتح شبابنا عيونهم جيداً على مخاطر التطرّف وقبحه، وخروجه على الوطن، مفهوماً وولاء ومصلحة.
أمر آخر، عكسته هذه الندوة، وهو أن التسامح سيظل قضية أساسية في بلادنا، التي استثمرت في ثقافة العيش المشترك والأخوة الإنسانية، وبذلت جهوداً إقليمية ودولية حثيثة؛ لإصلاح صورة منطقتنا العربية من التشوهات التي حفرها التطرف عميقاً، وأسست نموذجاً لدولة تنشد السلم والتنمية والازدهار، بعيداً عن الغلو والمغالاة.
شكراً جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية التي تواصل مهمتها ببراعة في ترسيخ بناء الشخصية المعتدلة المتسامحة الواعية التي تنبذ الفوضى والخراب، وتنحاز إلى عمارة الأرض.. وتعمل لترسيخ فكر وطني تنموي إنساني بعيداً عن التطرف والغلو والمغالاة والأجندات التدميرية وحروب الكراهية.
بجهود مؤسساتنا البحثية والدينية والمجتمعية، تترسخ قناعات الأجيال بأن لا بيعة في قاموسها إلا للوطن، ولا ولاء إلا لقيادته، بينما «الوعي» هو أداتنا في التصدي لخطابات الكراهية.. هذه ثوابتنا، وتلك ثقافتنا.
بالمقابل، سيسجل التاريخ على «الإخوان» وغيرهم من التيارات المتطرفة أنهم تحالفوا مع الارتزاق، واختصموا البلاد والعباد.