من الجمل الكثيرة المربكة في الحياة، والمقلقة للناس، والتي يحب الكثير خاصة الموظفين أن يقفلوا بها حديثهم معك أو توديعك بها بطريقة باردة، معتقدين أنهم يرطبون بها قلبك، حين يقول لك أحدهم: أمورك.. طيبة! تيقن ساعتها أن معاملتك لم تنتهِ، وأن بعض الهنات والنواقص فيها أو في الموظف الذي أسهل ما عنده أن يرمي الكرة في ملعب «السيستم» أو التعامل الرقمي، وأن أمورك في الحقيقة ليست طيبة تماماً.
والبعض وكأنه يريد أن يغايضك، لأنه يردف بعد تلك الجملة البغيضة، أمورك.. طيبة! يتبعها برشفة «شاي كَرَك»، تذهب إلى البيت ونفسك تحدثك بأن شيئاً غير مكتمل أو لم يؤد بطريقة صحيحة، وحين تراجعه للمرة الثانية، وتذكره بأنه قال لك بالأمس: أمورك.. طيبة! طلعت مب طيبة، وأن الإشارة المعلقة في «السيستم» بجانب اسمك لم ترفع، والمشكلة بقيت كما هي، فتسمع منه جملاً تبريرية دفاعاً عن جملته المفضلة «أمورك.. طيبة»، لأنه فعل ما هو مطلوب منه، لكن يمكن الجهة الأخرى لم توافق على جملته الطاردة أمورك.. طيبة! لذا عليك أن تذهب إلى تلك الدائرة وتشرح لهم لماذا لم تمش المعاملة، رغم أن الأمور طيبة؟ ولا ينسى قبل أن يودعك أن يطرح عليك نفس الجملة: من عندي أنا كل شيء تمام.. وأمورك طيبة! ويرشف «يغمة شاي كَرَك».
ومن كثرة ما أصبحت تلك الجملة «ترند»، إذا ما التقى اثنان من المراجعين وسأل أحدهم الآخر: ها.. شو قالوا لك داخل؟ فلا يملك الآخر أن يقول أو يشرح شيئاً مما جرى غير أنهم قالوا له: أمورك.. طيبة! مع رشفة «شاي كَرَك».
واحد ما ظهر اسمه في بعثة الحج هذا العام، أمورك طيبة، جرب الموسم المقبل، واحدة ما زالت تسقط في «تراي الليسن» مرتكبة الأخطاء نفسها، أموركِ.. طيبة، و«التراي الياي» بعد ثلاثة أشهر، واحدة فالعين ولدها بحصاة في رأسه في المدرسة، وحين التقت أم المفلوع بأم الفالع، ما سمعت منها إلا أن الأمور طيبة! وما يحتاج الشكوى يا أختي، ترا الأمور ما تستاهل، لأنهم أولاد، وولدك بصراحة رأسه عود، والحين أمورك طيبة! وتعالِي بعزمك على شاي كَرَك، «منوج» عنده كَرَك يهبّل!
بقي واحد وهذا فعلاً لازم «تزاغد» معه، ولا «تنيّط» له، هذا الشخص غثيث وبغيض ويرفع الضغط، ويجعلك تنتفض في مكانك، يلقاك مصادفة لا تعرفه ولا يعرفك، وأنت لولا الحاجة ما راجعته، ولا طلبت أن يحل لك مشكلة متعلقة بفواتير الماء والكهرباء والغاز، فيبتسم لك، ولا تعرف ماذا فعل في جهازه لكي يبشرك بقوله: لا.. لا.. أمورك طيبة، بسم الله تبارك الرحمن! مع رشفة «شاي كَرَك».