الإمارات ذاهبة إلى اختيار النخب، بصرامة الرؤية، وحزم القرارات، تلك التي تضع الإنسان الإماراتي أمام مسؤولياته المستقبلية، وأمامه منظومة من الأولويات التي عليه أن ينجزها وأهمها أن يعي دوره كمواطن، عليه أن يرتب أهدافه، وأهمها أن يضع في الحسبان أن القيادة تحتاج إلى تصميم، وإرادة، وثقافة مجتمعية مفادها أن يتحدى الشاب الطامح إلى الوصول إلى قمة الهرم، وأن يملأ جعبة المخيلة، بمسببات النجاح، وأن يمسك بزمام الأمور، ويمضي قدماً نحو تلك الأهداف بثقة، وثبات، وتدريب النفس على مواجهة العقبات من دون توقف، وتقديم ما يلزم من أفكار تعزّز القدرات، وتمكّنه من تحقيق الأهداف التي رسمها، وخطط لها، ووضعها أمامه بصورة واضحة وجلية.
ومشروع (المجتمع يجمعنا)، الذي أعدّه مكتب التطوير الحكومي، خطوة رائدة تتفرد فيها الإمارات في عالم يعيش في سباق مع الزمن، في تأسيس قاعدة شبابية، كركائز للمستقبل، وباقات ورد معدة لبناء جسور بين زمنين، الحاضر الذي سيصبح ماضياً، والمستقبل الذي سيكون حاضراً، وهذا الوعي الإماراتي مبني على أسس تاريخية، فالأسرة في الإمارات، كانت منذ البدء، تعتبر الأبناء هم خصلات لتنشئة جيل عليه أن يتحمل مسؤوليته المستقبلية، فكانت الأسرة تعد الأبناء وبالذات الابن البكر، كقائد مستقبلي للأسرة في غياب الأب، وكذلك البنت تكون مدبرة أسرية في غياب الأم، لذلك نقول إن اختيار العنوان موفقٌ، حيث جاء متناسباً مع الظرف، ومحاكياً التاريخ بصورة واقعية، وهذا البوح في حد ذاته، يسرب إلى النفس بهجة وسروراً، حيث يرى الإنسان أن الإمارات ماضية في ربط ثلاثية الزمن ضمن منظومة ثقافية واستراتيجية وطنية، تجعل من الشباب الفكرة المتشظية، والتي لا تنطفئ جذوتها طالما أن الوعي بأهمية أن يكونوا قادة مستقبليين، ويذهبوا بالمجتمع نحو آفاق أبعد من الحاضر وأقرب إليه في نفس الوقت، كما أن الماضي ليس عدد ساعات، أو أيام أو سنوات وانقضت، وإنما هو كتاب مفتوح على الحياة، يقرؤه جيل الشباب، وينهلون منه معارفهم، ويغرفون من منابعه المعاني التي رسّخها الآباء، والأجداد، وهكذا تظل اللوحة التشكيلية شامخة بألوانها الزاهية، تنمق ذائقة الشباب، وتجعلهم في رحلة العمر، مثل الفراشات، تمتص الرحيق وتكبر وتمضي في الحقول توزع جمالها على الوريقات، التي تحط عليها، وهكذا هم الشباب عندما ينعمون بثقافة القيادة.
نقول لمكتب التطوير الحكومي والمستقبل، هذه خطوة، مضاءة بتأملات إنسان إماراتي، يرى في شباب اليوم مشاعل نور، وما ننتظره منهم هو الأجمل، وما نحبه فيهم هو الإصرار، وما نراه على وجوههم مسحة الإبداع في مختلف الميادين، والمجالات، وهذا سر تفوق الإمارات، وفراستها.