نبكي ونشكو لكي لا تغيب الأشياء الثمينة والجميلة والمتوارثة من حياتنا الجديدة، بعدما كانت زاهية في حياتنا القديمة؛ لذا نطالب بإدراج طقوس شوي العيد ضمن الجداول السياحية، فيما يعرف اليوم بسياحة ثقافة المأكولات الشعبية التي يقبل عليها السياح الأجانب، كما نطالب بإدراجها ضمن الإرث الإنساني في «اليونسكو».
وبالعودة إلى وخيفة شوي عيد الأضحى الذي يأخذ الإعداد لتجهيزها ساعات، والتي تكون بطول نصف قامة الرجل نهار أول يوم في العيد، حيث يتشارك الرجال والنساء من أهل البيت في الإعداد والتجهيز، ولا تكتمل إلا قبل المغرب، ليقوم الناس بإشعال النيران في التنور ورمي الحطب فيه لمدة ثلاث ساعات حتى يكون الجمر يغطي قاع التنور، خلالها يتسامر الرجال ويتبادلون الأشعار ويغنون ويحكون القصص، ويشربون فناجين القهوة والشاي، والأولاد الصغار يلعبون حول النار ألعاباً شعبية، مرددين أغانيهم.
بعد المغرب وحين يأتي كل بيت بـ«وخيفته» تصف حول التنور، وحين تكتمل ينادي أحدهم أن استعدوا، وحين يقول: بسم الله! ترمى الوخايف داخل التنور، ثم يغطى وجه التنور بالأخشاب الكبيرة، وتوضع فوقها أغصان الشجر الأخضر أو بغطاء حديدي، بحيث لا يسمح برؤية الجمر أو النار المشتعلة، ويمكن أن تطرح فوقها أغصان الشجر الأخضر أو ما تيسر من شوال أو يواني الرز المبلولة، ثم يهيلون فوقها التراب لكي لا يتنفس التنور، ثم يذهبون لتناول العشاء الجماعي بجانبه ويتسامرون، ثم ويتركونه حتى اليوم الثاني من العيد.
في وقت الظهر يجتمع كل الرجال ويختارون خمسة من الرجال الأقوياء والمتطوعين ويبدأون بحفر التنور وإزالة الأغصان والأخشاب الضخمة المحترقة، ويبدأ باستخراج وخايف الشوي الواحدة تلو الأخرى، حيث يتعرف كل بيت على العلامة التي وضعها على وخيفته، ويحملها ساخنة في صواني كبيرة جداً إلى بيته، وهناك تجتمع النساء وتبدأ بفتحها وإخراج اللحم منها، حيث يهدون من يريدون إهداءه من المعارف والأهل الذين عادة ما يتبادلون ذاك الإهداء من باب التذوق، ويكون عشاء اليوم الثاني من العيد من ذلك الشواء، وكذلك في اليوم الثالث والأخير للعيد، كذلك يمكن للناس أن تحتفظ بتلك اللحوم أشهراً لأنها مملحة ومبهرة ومطبوخة بطريقة الدفن، ولا تخترب مطلقاً.
- من الأهازيج التي كنا نحفظها عند إخراج وخيفة الشوي: «تنوركم نيّ يا عيال عِلَيّ، تنوركم ناضي يا عيال القاضي، ظهر يطرّب راسه مشرّق، وجهه مغرّب..»
- أخاف يأتي وقت وتروح الوخيفة بكل طقوسها القديمة، ويحل بديل لها وخايف القصدير وإعداد المطاعم و«دليفري» إلى المنازل.
- وأخاف يأتي وقت ويحل محل الوخيفة عمل المشاكيك، وشوي في الحدائق.
- تغيّرت السنّة، وتبدلت العادات، وأصبحت وخيفة العيد وتنورها يحضران قبل العيد بأيام أو قبل العيد بيوم، وهذا مخالف عما توارثناه، ورأينا أهلنا يعملونه، ولا ندري إلى أين يمكن أن تسير الأمور في قادم الأيام مع أشياء تخصنا ونكاد ننفرد بها!