عندما يسمع المستهلك العادي عبارة «وفورات الكهرباء»، يتبادر إلى ذهنه ما يمكنه توفيره أو خفضه من استهلاك الكهرباء، والتقليل من مبالغ الفاتورة الشهرية التي تصل إليه، لاسيما في هذه الفترة التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة.
ومن الطبيعي أن يفكر الفرد بهذا الشكل، فهو قادر بالفعل على تحقيق وفورات ملموسة باتباع خطوات بسيطة توصي بها دوائر الماء والكهرباء، ومن هذه الخطوات: عدم تشغيل جميع وحدات التكييف في المنزل في الوقت نفسه، والاكتفاء بتشغيل المكيف في مكان التواجد فقط، وضبط درجة الحرارة على 24 درجة مئوية، وغيرها من الإجراءات.
وينطبق الأمر ذاته تقريباً على المؤسسات العامة، إذ تملك الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف تجربة متميزة في مجال ترشيد استهلاك المياه، من خلال تركيب صنابير موفّرة في المساجد التابعة لها، ما يتيح الوضوء بكفاءة أعلى وباستهلاك أقل. وهي تستعد، بلا شك، للبناء على هذا النجاح لتقليل استهلاك الكهرباء أيضاً، من خلال توجيه المشرفين على المساجد بعدم تشغيل جميع وحدات التكييف دفعة واحدة، خاصة في حال عدم امتلاء المسجد بالمصلين، وضبط درجة الحرارة على المستوى الموصى به «24 درجة»، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.
كذلك، هناك تجربة بلدية أبوظبي في استبدال مصابيح الإنارة التقليدية بأخرى موفرة للطاقة، وبجودة إضاءة أعلى.
ونتناول موضوع الوفورات في الوقت الذي نتابع فيه نجاحات مشاريع تأهيل المباني في أبوظبي، التي تستهدف تحقيق وفورات إجمالية في استهلاك الكهرباء تُقدّر بنحو 220 جيجاواط ساعة خلال عام 2025، مع زيادة عدد المباني التي سيتم تأهيلها من 200 مبنى في عام 2025 إلى 300 مبنى بحلول عام 2026، مدفوعة بمشاريع تأهيل المباني التجارية.
وقد شكّلت الدورة الخامسة من قمة تكنولوجيا إعادة تأهيل المباني في أبوظبي فرصة مناسبة لإبراز الرؤية الطموحة للإمارة، التي تهدف إلى مضاعفة عدد المباني التي يتم تأهيلها ضمن برنامج إعادة تأهيل المباني، وفق استراتيجية أبوظبي لكفاءة الطاقة والمياه 2030 التابعة لدائرة الطاقة في أبوظبي، بما يصل إلى عشرة أضعاف بحلول عام 2030.
مبادرات وخطط واستراتيجيات تصبّ ليس فقط في جهود الحد من الأثر البيئي، بل أيضاً في تعزيز المرونة الاقتصادية، وتحسين جودة حياة المجتمع.
إن تحقيق النجاح في هذا الميدان يتطلب تعاون الجميع: أفراداً، ومؤسسات عامة وخاصة، في وقتٍ تواصل فيه الجهات المعنية عمليات تحديث شاملة، في مقدمتها استبدال أجهزة التكييف الكبيرة، وذلك قبل أن تحقق هذه المشاريع التحويلية وفورات كبيرة بحلول عام 2026.
ونحن نحيي جهود دائرة الطاقة والمبادرات التابعة لها، نأمل في تكثيف حملات التوعية بفوائد ترشيد الاستهلاك، فالمسألة لا تتعلق فقط بتوفير الموارد المالية، بل تسهم أيضاً في دعم خطط الدولة واستراتيجياتها لتحقيق الحياد المناخي ورفع كفاءة الطاقة، بما يعزز صون البيئة واستدامتها.