يطلّ علينا عام هجري جديد، عام 1447 هـ، نسأل الله أن يجعله عام خيرٍ وبركة، يحمل المزيد من التقدّم والنماء والازدهار، والأمن والاستقرار على دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه الحكّام، وأن يكون عاماً مليئاً بالسلام للعالم أجمع.
لقد حملت الهجرة دروساً في حب الأوطان، وبناء المجتمعات على أسس قوية من المحبة والإيثار. وكانت البداية من مجتمع المدينة، حيث آخى نبينا الكريم، عليه أفضل الصلاة والسلام، بين المهاجرين والأنصار، ودعا لنشر فضائل التسامح، وحسن التعايش، وحثّ على إبراز جوهر الدعوة والمعاني السامية التي تحملها من وسطية واعتدال. ومن تلك البدايات البسيطة، والقيم العظيمة، بنى خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، «خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس».
ومنذ قيام الدولة، حرصت الإمارات على الاسترشاد بتلك الرسائل والدروس والقيم، واستيعابها واستلهامها في الاعتناء بقضايا بناء الإنسان والمجتمع، ومن ثمّ الدولة. وأقرب مثالٍ على ذلك ما نعيشه اليوم في رحاب «عام المجتمع»، وما يتفرّع عنه من مبادرات تتمحور حول القيم الإماراتية السامية، وجوهرها المستمدّ من تلك الفضائل التي شكّلت أساس مجتمع المدينة، وحافظت عليها رغم التطور والتقدّم الهائل الذي شهده مجتمع الإمارات.
كما حرصت الإمارات على التعريف بقيم الوسطية والاعتدال، وإبرازها ونشرها، وروح التسامح وحسن التعايش التي تميز عقيدتنا الإسلامية السمحة، في كل المحافل والملتقيات العالمية، لمساعدة المجتمعات الأخرى في التصدّي لخطابات الغلو والتطرّف والإقصاء ورفض الآخر، التي تروّج لها الجماعات المتاجرة بالدين، لاختطاف دين الحق وتبرير ممارساتها الإرهابية التي تقوّض أمن واستقرار المجتمعات.
فالإسلام جوهره السلام والوئام، وكل من يعيش في كنفه ينعم بالأمان والكرامة والمواطنة الحقّة، لا ظلم لأحد، ولا حقد، ولا إقصاء أو انتقاص من حقوق أي فرد. «وبذل السلام للعالم هي رسالة الإسلام، رسالته السامية ومقصده الرفيع».
ومن هذا المنطلق، حرصت الإمارات على إقامة الملتقيات والندوات، داخل وخارج الدولة، من خلال المؤسسات المعنيّة بنشر قيم التسامح والتعايش، بل وخصّصت وزارة تُعنى بها، وضمّنتها في مناهجها الدراسية لتحصين الأجيال من تلك العاهات الفكرية والعصابات المتربصة بهم باسم الدين.
ومع حلول كل عام هجري جديد، تتجدّد وتتجلّى أمامنا تلك المعاني والدروس العظيمة للهجرة النبوية الشريفة، وما حملته من أسس صلبة لبناء المجتمعات السويّة القوية.
وكل عام وأنتم بخير.