القراءة مفتاح العقل، وهي ذلك الشعاع الممتد من كلمة (اقرأ) ولا منتهية إلى حد من حدود الحياة، واليوم الإمارات بمبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أصبحت القراءة منهجاً وسلوكاً وحياة، ومحيا ترتاد العقول العربية جداول القراءة، وتسرد للعالم حقيقة أن الإنسان العربي قارئ حتى النخاع، محترف النبش بين الكلمات عن المعنى، منسجم مع العبارة، كونها اللوح المحفوظ في الوجدان الثقافي، مرسوم على جبين الأحلام، صورة براقة تعبّر عن أن القراءة حلم، وعلم وسهم يمتد ضياؤه من المهد حتى اللحد.
ولا شيء غير القراءة يفتح نوافذ الوعي، ويغلق نافذة الجهل، لا شيء غير القراءة، يلون الحياة بالإبداع، وينقش على الذاكرة صورة تاريخ من الحضارات، توالت على هذه البقعة الجغرافية، تشير بالبنان إلى أننا أمة قراءة، وأننا نحن الذين فتحنا أول صفحة، عنوانها أن للقراءة مرسوماً إلهياً يحث على القراءة، ويبعث على إدراك أن معرفة الله حكمة منزلتها القراءة، ثم الوعي، ثم الإيمان بأن المعرفة تبدأ بأول كلمة ينطقها الإنسان، من أنا، ومن ثَمَّ يُبحر في المحيط بحثاً عن درة تملأ جعبة القلب بالأمل، بأننا في القراءة نستدل على معرفة الخالق، وبه نستعين على كبح جماح الخوف من فراغ الوجود، وانعدام المعنى.
الإمارات، انطلاقاً من مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، سنَّت قوانينها الاستثنائية، وكشفت عن مستور الوعي العربي، وقوة بأسه، وبراعة وعيه، ومهارة عقله، في تحويل الكلمات إلى أفراس تثب نحو العالم، وتتجلى في الوجود كائنات خلّاقة، علاقتها بالعالم مرتبطة بداية، بوعيها بأننا والعالم جسد واحد وعقل واحد، والهدف هو بناء حضارة كونية، أعضاؤها عناقيد منضودة، تعمل جاهدة لأجل عالم توحده المحبة، وتجمع شمله المودة، وتكلّل مجده الطمأنينة، وتتوج رأسه معرفة واسعة الظلال.
في تحدي القراءة، اكتشف العالم مكنون الإنسان العربي، وطموحاته التي لا حدود لها.
نشعر اليوم بأن الإمارات، تتبوأ مركز الافتتان، وفن العطاء، وتأخذ بناصية عالمنا العربي إلى حيث تكمن حقيقة النهوض، لأنه ما من حركة تطور، ورقي إلا وتقف على منصة هوية تعبّر عن سمات أي أمة، وليست اللغة إلا الوعاء الذي يتحمل حمل الهوية، والحفاظ عليها.
اللغة هي الصورة الحية، لكائن إن لم يجد من يحتويه، تهاوى، وانهمر طرائق قدداً، وبغت عليه السنون وانطوى في غيهب العدم. هكذا نرى أهمية اللغة التي أحيا وميضها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وسقى جذرها، واهتم بأصلها، وفصلها، كونه شاعراً، من الكلمة، بنى عرش قصيدته الملحمية، ومن ترنيمة القصيدة، ساس خيله ووشم على جبينه سمات الفروسية، لذلك لم تكن الرؤية إلا منطلقاً، من ذلك البيت الشعري، ومن مبنى القصيدة الفيحاء.