اليوم هناك مشاهير الوهم ومريدوهم الجدد، مشاهير مؤثرون من زجاج أو أثير، مشاهير صوت وصورة، ما صدقوا حالهم، ولا حال شهرتهم الزائفة، فهم وجدوا تكنولوجيا الاتصال وأجهزتها الذكية فركبوها، منصات خلقت للتواصل الاجتماعي، فواصلوا بث كل شيء، لا اعتبار لمسؤولية مجتمعية، ولا أخلاقية، ولا التزام تجاه المتابعين والمتتبعين أو «المريدين» الجدد؛ لأن دوائر التواصل الاجتماعي تتخذ أشكالاً وأحجاماً أكبر وأصغر وأوسع، ليس بفضل رواد التواصل الاجتماعي، بل لطبيعة هذه الوسائل، ففي كل بلد يشتهر واحد منهم، ويفرّخ العشرات بعد سنوات، وربما أزاحوا المغرّد الأول الذي علمهم السحر، ولأن شهرتهم ليست مبنية على عميق معرفة واطلاع وابتكار، وليست قائمة على تعب وجهد وحرفية مهنية، فهي بالتالي لا يحدّها التزام، ولا شرف مهنة، ولا مسؤولية اجتماعية.
اليوم مشاهير التواصل الاجتماعي وهم درجات، ناس بدؤوا من الصفر، وناس استغلوا شهرتهم الفنية أو الرياضية أو الاجتماعية، ووظفوها للشهرة الإلكترونية الجديدة، كما فعلت عائلة «كارديشيان» اللاتي لا أعرف لهن مجداً فنياً غير منصات الاستعراض، وصرن اليوم في المنصات الافتراضية، حيث بلغ سعر الإعلان على صفحاتهن مليون دولار، لم لا والمتابعون وصلوا إلى مائة مليون، لكن الجهات في أميركا بدأت تفرض بعض القيود والقوانين فيما يخص هذا الظهور المجاني لهن، وترويجهن لشتى البضائع دون إدراك لقيمة هذه البضائع، ومدى تأثيرها على الفرد المستهلك، والمجتمع الاستهلاكي، فكارديشيان قد تظهر تمتدح دواء تجميلياً، وقد تظهر وهي تقول أنا أستعمل هذا النوع من أحمر الشفاه، فتهرع كل المبتليات بحب «كارديشيان»، أو تصور نفسها وهي تتبضع من محل معين، فيهجم عليه المفرطون في حب «كارديشيان»، وأمثالها كثر، وفي كل بلد، لكن بريطانيا أخذت في سن تشريع يربط قنوات المشاهير التواصلية ببرنامج شبه رقابي أو مختص في حماية المستهلك، بحيث لا يستطيع «روني» مثلاً أن يروّج حتى لـ«آيسكريم»، وليس بدلة رياضية، تريد أن تنقل عرس صديق، فلا بأس أن تفرح مع صديقك، لكن لا تعلن للفندق، وباني الخيم أو الذين يصبّون القهوة.
عندنا في وطننا العربي اليوم، مشاهير يدخلون مطعماً، ويأكلون ببلاش، ثم يروجون لأكله الفاخر، والمتابع لقنواتهم سيحصل على خصم خاص، وهناك من الشهيرات على مواقع التواصل الاجتماعي المتخصصات في المجوهرات والساعات والحقائب النسائية، وهناك متخصصات في أدوية التخسيس، وإنقاص الوزن دون حمية أو تمجيد دكتور تجميل وعيادته، ومنهن من يخضعن لتجربة تجميل، و«خرط وسمكرة وتبديل سفايف»، لتثبت للمتابعين والمتابعات أنها أجمل بعد من ذي قبل، رغم أنها قبل كانت أجمل من بعد، فتجرّ خلفها إلى المنطقة الصناعية الكثيرات اللاتي يعشقن قبل وبعد، أما أخطر هؤلاء المشاهير الإلكترونيين ليس من يدعو للحجامة يوم الأربعاء، بل الذي يهمس في طبلة أذن الصغار بأفكار قاتلة، وأدوية فتّاكة، وطرق موصلة للشر والضرر بالنفس وبالآخرين!


