للفن صوت وصيت، والمتاحف في العالم قلم بريشة سحرية، تحمل على عاتقها مهمة رفع الذوق، وتشذيب السمع والبصر، وصناعة الرونق في ذائقة الناس أجمعين. دبي اليوم في مسعاها ورؤيتها ومرآتها، صورة مثلى للجمال الإنساني عندما يصبح الإنسان ريشة تلون الحياة بفسيفساء جمالية، مكللة بشذا المشاعر المرهفة، تعبق الأرض والغيمة بعطر الفكرة الفياضة بروح الشفافية، وأحلام كأنها الأجنحة، تحلق في أجواء حضارية ترقى إلى نجوم السماء، وتتماهى والإنسان الأخلاقي جداً.
اليوم، أصبحت دبي جوهر العلاقات الإنسانية ومحور التواصل بين الشعوب، الأمر الذي يجعل اهتمامها بالفنون ضرورة وجودية، وحالة حضارية لا يمكن الاستغناء عنها. هذه الانطلاقة الجديدة إضافة لمنطلقات ساحرة، وضعت دبي في عين الفنون بمختلف مدارسها وتوجهاتها وألوانها، وأصبح العالم يسرد قصة دبي عبارة وافية، مستوفية قواعدها اللغوية والإبداعية، الأمر الذي يضع على المواطن والمقيم مسؤولية الحضور في المشهد، ليس كمتفرج وإنما كفنان، يساهم في استكمال تشكيل اللوحة الفنية العامة، ويتقاسم مع الوطن في صياغة واقع مختلف، يخرج من الرتابة إلى الحركة، ومن السكون إلى روعة التقدم، ومن النظر إلى الفعل، لأن الوطن لوحة فنية عملاقة رسمها شاعر يجيد التشكيل، ولوّنها فارس علمته الحياة كيف يروض المعضلات، ويجعلها خيولاً رائقة تذهب إلى المدى، فتلامس النجمة، وتشاغب الغيمة، وتمد للمستقبل يداً، وترقبه بعيون كأنها المصابيح تكشف مكامن الظفر.
وفي تعليق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على هذا المشروع، قال سموه: «الثقافة والفنون روح المدن، ومرآة تطورها». وتكفي هذه العبارة، لتسدد هدفاً رائعاً في مرمى الأفكار العظيمة التي تنتمي إليها قيادتنا الرشيدة، والتي على ضوئها تمضي قدماً وتحقق الأهداف السامية، لأجل وطن يجب أن يظل شامخاً عند شغاف النجوم.
دبي هذه الأعجوبة، هذا الخيال الجامح المتدفق شوقاً للجمال، وحسن الخصال، وترنيمة الموال عند سارية وسيرة، دبي هي الأغنية على لسان الطير، وهي الملحمة يسردها شاعر أمسك بزمام القصيدة، فكانت دبي هي الوزن والقافية، وهي الألف والياء، هي النغمة الغافية على نحر وصدر، وهي الشعاع يضيء كفاً ويرفع كتفاً، هي متحف الأبدية، يحفظ الود مع الحضارة، ويهمس في الآذان قائلاً: هنا تكمن الحقيقة عندما يكون الفن شجرة، والثقافة سماؤها. هنا تبدأ الحياة، في كتابة الكلمة الأولى لتفتق الأفكار (ارسم)، ارسم وحطم الأسوار، وعلق على زجاجة مرآتك صور الإنسان الفنان، فسوف ترى صورتك في المرآة أزهى من النجمة، وأجمل من الموجة.


