- تكونون جالسين في أمان الله، ساهين، لاهين، وكل واحد في سبحانيته، وفي لحظة ما، يقوم واحد من القوم ويطرأ على باله حبه القديم، ويشغل محمد عبده بصوت عال من نقاله، وكأنه هو الوحيد في ذاك المجلس، ولا ناشد عن أحد، وأنت ذاك الحين بالذات ما جاي على بالك «أبو نورة».
- لا تقترح على أحد مطعماً لأنه لو عوّره بطنه أو ضربه صاهر أو غفا على كبده، بيتم يكرهك كل يوم، وكلما شافك بيتذكر ذاك المطعم وبيتذكر شورك الذي يعتبره مثل وجهك، وبيكهرك أكثر!
- أسوأ شيء تكون في تركيا وتريد تشوف مباراة برشلونة وريال مدريد، وتكون هناك مباراة موازية لتوقيتها، طرفها الأول نادي «غلطة سراي»، اسميك بتتعب تلك الليلة تلقى شاشة تلفزيون تعرض لك مباراة الناديين اللدودين التي تعادل أحياناً نهائي بطولة العالم.
- الآن أصبحت موضة التجارة من خلال كرسي في مقهى مع «ماغ» قهوة فاترة أو ما كان يسمى «سايبر كافيه» هي التجارة الرائدة بين من لا يطلبون العلا بسهر الليالي، ومواصلة الليل بالنهار من أجل نجاح عملهم وأعمالهم، هي طاولة وكرسي وكمبيوتر ببلاش في المقهى الافتراضي، وساعة الإنترنت تكلف دراهم معدودات، ويبدأ صاحبنا الذي سيسمي لقبه الوظيفي «سي إي أو» لشركة ما وراء البحار «هودلينغ»، وعناوين لأفرع وهمية، وكل رأسماله صفحة أو موقع إلكتروني، ويدير مؤامراته الرخيصة من خلال ذلك المقهى، أو تجده يدير الصفقات من خلال جواله، ويحاول إيهام الآخرين بجدية مشروعه، ودائماً ما تلقاه يبحث عن شريك مواطن لمشروع ناجح، وذي دخل عال، وأنه وجد مثل هذه البيعة اللقطة، لشريكه المواطن، لأن صاحب المشروع الأصلي يريد بيعه بداعي السفر، مثل هذا التاجر من مقاهيهم تجد أمثاله كُثر، ويتشابهون في الشكل والملبس والشعر الأسود الفاحم اللامع من «الجل»، واللغة المتداولة، وحتى الحوارات، وكلهم مشاريعهم في «اللآبتوب»، ويعرضونه على الشاشة مع مؤشر «ليزري»، ليعشوا عيون الزبائن، وتسمع الخريط؛ استراتيجية المشروع، وخطته الاستثمارية المدروسة، والأرباح التراكمية، وكم مصطلح اقتصادي إنجليزي غالباً في غير محلها، ولا تجلب سيولة تراها العين، واستشعرها اليد، مثل هؤلاء لو تفتش جيوبهم لن تجد فيها ألفاً وخمسمائة درهم عداً ونقداً، ويمضي شهره كله على البطاقة الائتمانية في حدودها القصوى أو ما يمكن أن يلطمه من خلال الصفقات الاحتيالية الطيّارة، ألف من هنا، ألفان من هناك، سرقة رصيد هاتف، وهكذا يمضي قطار العمر، إذا ما لم ينزله القطار في محطة السجن المركزي، ليبدأ مشروعه الثاني الجديد من خلف القضبان.


