في الجلسة الأخيرة من جلسات منتدى الإعلام الإماراتي الذي احتضنه متحف المستقبل بدبي الثلاثاء الماضي، وعند فتح باب النقاش، تجدد الحوار حول غياب معايير واضحة لاعتبار الشخص مؤثراً أو مؤثرة في «السوشيال ميديا». ولولا أن القائمين على الجلسة أعلنوا اختتامها بسبب الوقت المحدد، لامتد الجدال وربما تطلب الأمر جلسة إضافية لا تقل في مدتها عن الأصلية. حوار يتجدد في كل مناسبة إعلامية، ويتحول إلى جدل متواصل عندما يصل إلى نقطة العلاقة بين ما سموه الإعلام التقليدي والإعلام الجديد.
ونسي المتجادلون أن هذا المصطلح لم يعد له وجود بتلك الصورة المتشائمة المطبوعة في أذهانهم.
العالم اليوم معنيّ بالمحتوى الراقي الذي يضيف للإعلام ورسالته مهما تعددت المنابر والمنصات، ويخدم قضايا المجتمعات وهي تواجه أصعب وأعقد التحديات في مختلف الميادين والمجالات.
حالياً الغالبية العظمى من المحسوبين على الإعلام التقليدي تبنّوا مقاربات متطورة ووظفوها لتقديم محتوى يواكب لغة العصر الرقمي وأدواته، فلم يعد لكلمة «التقليدي» معنى في السياق العام.
أما أولئك الذين انخدعوا لبعض الوقت ببريق الشهرة الزائفة والزائلة للقب «مؤثر»، فقد وجدوا أنفسهم في عزلة متزايدة بعد أن انفضّ عنهم «المتابعون» الذين سرعان ما اكتشفوا إفلاسهم، بل وتدني شرائح واسعة منهم وهم يسعون بكل ما أوتوا من قوة لاجتذاب المزيد من المشاهدات ولو بالتفكك والتدهور والمشاهد المنفرة وادعاء الثراء والحياة المترفة.
وقد كانت للحكومات وحماة المجتمعات الدور والفضل الأكبر في كشف القناع عن بعض أكبر «المؤثرين» إياهم، بعد ثبوت تورطهم في عدة قضايا، كما تبين ضلوع بعضهم في صلات مع منظمات إرهابية وتجارة سلاح في إحدى البلدان. وتحرك الجميع تقريباً بسرعة وخطوات متلاحقة لوضع حد لصنّاع التفاهة الذين عملوا على تضليل النشء وجرّهم إلى مستنقعاتهم.
لقد كان للمكتب الوطني للإعلام ومجلس الإمارات للإعلام جهود ملموسة في تنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي ومنع استغلالها لتقديم محتوى يمس قيم المجتمع.
وتعد الصين من البلدان التي اتخذت إجراءات صارمة تجاه الذين يطلقون على أنفسهم مؤثرين أو «تيكتوكرز»، فقد فرضت عليهم ألا يصوروا حياتهم اليومية بطريقة لا تعبر عن واقعهم الحقيقي، لاسيما الذين يظهرون وكأنهم شديدو الثراء ويمتلكون سيارات فارهة وأزياء وحقائب من علامات تجارية عالمية. ومؤخراً، حظرت على أيٍّ منهم الحديث في أي مجال من مجالات الحياة ما لم يكن جامعياً واختصاصياً فيه، إذ لا يعقل أن يحدثك أحدهم عن شأن طبي وهو ليس بطبيب، وهكذا. ولا يخاف التنظيم إلا من اعتاد الفوضى.