علم في التأسيس، وعلم في التسييس، وعلم يرفع الهامة، وكما ترتفع الأشجار لتطلّ على الغيمة، وكما ترتفع الغيمة لتبلي بلاء حسناً في العطاء، والسخاء والانتماء إلى وطن جذره في الأرض وفرعه في السماء، وما بين الأرض والسماء سؤال الوجود، ينفتح على النجوم ويزجي الغيمة، ويؤلف ما بين الخيط والإبرة، حتى يكتمل نسيج القماشة، ويشع اللون البهيج معلناً عن بزوغ القمر، وشعشعة الشمس على نجود، وربوع، وبدء الكون في التشكل عند خاصرة وطن أصبح اليوم ريحانة العالم وقيثارته، والترنيمة تبدو من حيث بدأ التأسيس، وحيث غنّت حمامة البر، باسمك يا وطن، وطن العز والشرف الرفيع، وطن الإنسان الذي تجلى واقفاً، لا ينحني له عظم، ولا تنكسر إرادة، بل هو في المدى سارية تعانق الطير في السماء، وترسم صورة الحياة على الأرض.
شكراً للباني المؤسس، الذي نقش على وجدان الإنسان في هذا الوطن، صورة الكف التي أعطت، والقلب الذي عشق، والروح التي ضمّت، والعقل الذي نوّر الطريق أمام الأجيال، كي يمضي الموكب نحو غايات، أرحب، وتطلعات أوسع، وطموحات أكثر دفعاً، لحياة تزدهر بابتسامة صباحية، تصفّق للنجاح، وترحب بالقادمين من الأقصى إلى الأقصى، حالمين بمشهد كأنه الضوء منزل من السماء، كأنه الحلم يعزف لحن الفرح بين الرموش، والناس يشرح قلوبهم هذا الحفل البهيج، بيوم ترفرف فيه أجنحة العلو، والرفعة، ويشدو الطير جذلاناً بهواك يا وطن، منسجماً مع الروض الجميل على ترابك، وأنت تحدب من أجل رقي الإنسان، وشفافية خطابه، ورقة مطالعته لقراءات في كتاب المستقبل، وهو هذا الذي جعلك يا وطن في السراء، والضراء أنت واحد، ومتفرد في وحدتك؛ لأنك من عناقيد النخلة أخذت المثال، ومن صوت الموال، أخذت المقال، وسرت في الدنى، تخطب ود الوردة، وأنت في كامل نزوعك إلى الفرح، وأنت في أقصى حالات السعادة، ممتناً للذي أسّس وبنى، وانتمى إلى الصحراء، كونها الكتاب المفتوح على المدى، كونها العنوان العريض لخبر يأتي من السماء، أنك المبجل، الذي أجلى اليأس عن كاهل صغير، وكبير، لتصبح الإمارات زهرة اللوتس التي نثرت عنها غبار الأيام، لتزهر، وتشم رائحة النسيم، وعبق العطر في ثنيات التراب المقدس.. علم في السماء، وحلم على الأرض، وكلاهما علامتان على الأمل العريض ينسج خيوطه على تراب الأرض، فتبزغ شجرة الخير، وتنمو، وتثمر غايات، أوسع من البحار والمحيطات، وعلم يرتدي أخضره، وأحمره يسدد خطاه، والأسود كحل العين، وبياضك حنايا وحنان، وحنين، والرابعة حنحنة المشي على تراب يغسل القلب من سعار، ومن غبار واللسان ينطق ما طفق به القلب، حمى الله بلادنا، وأسعد أهلها، وجعل أيامها ورود تلون بساتين الأفئدة بفرح الفراشات. 
علم كأنه الضلع يسند القلب، وكأنه عظمة الرقبة تحف الظهر باستقامة السير على طريق المستقبل. علم هو أنت، وها نحن نسور وجداننا بهامتك ونمنح الحياة مزيداً من أسئلة لغد مشرق، متألق بجمال وكمال.