نرفع رؤوسنا إلى الأعلى، ونرى السارية ترفع ألوانها الأربعة، لتطل على الوطن، والبريق مشاعر تتألق بالفرح، يوم أثمرت الشجرة سبعة أغصان على جذع، والطير يرفع النشيد عالياً، والأرض تترنّم بنعيم أسدى خلقه على العالمين، وهذا البحر يحرس سفن السفر إلى المدى، والإنسان.. الإنسان الذي تعلّق حباً بوطن أعطى، وأجزل في العطاء.
شكراً لك أيّها العَلم، علمتنا كيف يصبح النشيد أغنية صباحية يرددها الطفل والشيخ الكبير، أغنية وطن ترسم صورة الحب، وقصيدة عصماء تجلّت بمحسناتها البديعية وبلاغة معناها ونبوغ أهل الضاد في استنبات الحلم من ثنايا الأمل، والأخذ بناصية التجلي عشقاً لتاريخ كتب على سبورة الأشواق اسم المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته.
وطن تمسك بلجام جياده قيادة آمنت بأن الحلم يبدأ من نبتة في الأرض، وقطرة في صدر الغيمة، والتاريخ يسجل، يوم كتب المؤسس على الأرض أن الوطن له رجال يحرسون مهجته، ويلونون علمه بالفخر والاعتزاز والتقدير، ويسومون الأرواح رخيصة في سبيل علو كعبه، وارتفاع هامته، وشموخ رايته، ورسوخ جذوره، ونصوع صفحته.
أحلام وطن تتحقق على صهوات النجوم، تمضي بها في الدنى علامات وجد وجد ووجود، ونجود ترتع على ربواتها غزلان الفرح، وتمضي حقباً.. تمضي زمناً تستديم فيه الأغنيات كأنها النسيم في طيات، وخصلات لها في القلوب رفات ونبضات، لها في النفوس مواطن حلم بهي، وصوت في الضمير ينسج نغماته لحناً وجودياً، يشكّل المكان والزمان طوقين لمحزم وعقد، والقلائد منجزات أدهشت بعدما برعت ومهرت في صناعة التفوق من كد وعرق، ومن بذل وجهد، ومن رؤية ورأي. وتستمر القافلة في حمل الأمانة بصدق وإخلاص.
شكراً أيّها الوطن، شكراً لمعانيك التي علمتنا ما لم نعلم، وكرست في وجداننا كيف يكون الحب صرحاً وقدحاً، ويكون صبحاً وصحوة، ويكون صيحة ترسّخ في الحياة صوت العلم، وصيت الوطن.
شكراً أيها الوطن المنتمي لعالم نوافذه الفضية مفتوحة على السماء، وأزرقها يمنحك الصفاء، ويهديك الرخاء، وأنت.. أنت ترنو إلى عشاقك بعين الرضا، أنت تصبو إلى أمنياتك بقلب لا يجف حبره، وقلم مِداده من ماء العيون.
شكراً لك أيّها الوطن القمر، شكراً لك وأنت تكتب على صفحات التاريخ اسم الحب في أول السطر، وتكتب بين حبات التراب كيف يكون الوطن عندما تثمر شجرة حبة بلح كتب عليها من أرض الوطن. فشكراً.. شكراً، لأننا تعلمنا منك كيف نحلم، وكيف نحب، عندما فتحت كتابك المقدس لتعلِّم كل البشر.


