أحمد مراد (القاهرة)
شدد خبراء في علوم الفضاء والفلك على أهمية المكاسب العلمية التي حققها مسبار الأمل خلال العامين الماضيين، لا سيما في أعقاب نجاحه في الوصول إلى مدار المريخ في التاسع من فبراير عام 2021، ووصفوه بأنه أكبر وأهم إنجاز فضائي في العامين الماضيين، وقد وضع العرب على خريطة التطورات والقفزات العملية في علوم الفضاء.
وأكد الخبراء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الذكرى الثانية لإطلاق مسبار الأمل تُعد فرصة مهمة لإعادة التأكيد على مدى أهمية هذا الإنجاز الإماراتي العربي الذي رفع سقف الطموحات لدى جميع الفلكيين والعلماء العرب، وعزز من حجم القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ورفع أسهمها في أوساط المجتمع العلمي العالمي.
أهم إنجاز
وأكد الدكتور محمد القوصي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، على أهمية مسبار الأمل للمجتمع العلمي والمتخصصين في مجالات الفلك والفضاء، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، واعتبره أهم وأكبر إنجاز في مجال علوم الفضاء خلال العامين الماضيين، وقد غير الخريطة الفضائية العالمية.
وقال الدكتور القوصي لـ«الاتحاد»: «قبل عامين، وبالتحديد في 20 يوليو 2020، حلقت الإمارات بالطموحات العربية إلى الفضاء بإطلاق مسبار الأمل لاستكشاف كوكب المريخ في سابقة نوعية وفريدة في التاريخ العربي، ومن شأنها أن تضع العرب على خريطة التطورات والقفزات العملية في علوم الفضاء، وخلال العامين الماضيين حقق هذا الإنجاز العديد من المكاسب العملية». وأشار الدكتور القوصي إلى أن مسبار الأمل خلال الفترة الماضية أعطى معلومات وبيانات وصوراً لما يقارب 200 مركز علمي حول العالم، وقد أتاحت الإمارات هذه الثروة العلمية دون أي مقابل، وقد استفاد من هذه المعلومات الآلاف من العلماء والباحثين العاملين في هذه المراكز. علماً بأن المسبار يعمل على جمع ما يقارب 1000 جيجابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، ويوفر للمرة الأولى صورة متكاملة للغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
صور المريخ
وأشار الدكتور القوصي إلى أهمية الصور التي أرسلها مسبار الأمل من المريخ منذ استقراره في مدار الالتقاط، وكان أولها الصورة التي أرسلها عن سطح المريخ في 14 فبراير 2021، وجاءت إحدى أهم هذه الصور في يونيو 2021 عندما تمكن مسبار الأمل من تصوير ظاهرة الشفق المتخفي على كوكب المريخ.
وكانت الصورة الأولى التي أرسلها مسبار الأمل قد أظهرت ضوء الشمس الساقط على سطح المريخ، والقطب الشمالي للكوكب، وأكبر براكينه. كما التقط المسبار في مارس 2021 ثلاث صور، الأولى التقطتها كاميرا الاستكشاف الرقمية من ارتفاع 13 ألف كيلومتر من سطح المريخ، وهي لقمة جبل أولمبيوس، أعلى قمة وبركان في المجموعة الشمسية.
والصورة الثانية التقطها مطياف الأشعة فوق البنفسجية من على ارتفاع 36 ألف كيلومتر، حيث يمثل كل لون الضوء المجمع عند طول موجي فوق بنفسجي مختلف، ويوفر ذلك معلومات فريدة حول الغلاف الجوي العلوي للمريخ من حافة الفضاء، ويكشف مدى تواجد ذرات الهيدروجين والأكسجين وأول أكسيد الكربون. أما الصورة الثالثة، فهي صورة حرارية التقطها مطياف الأشعة تحت الحمراء، وأظهرت الجانب الليلي للمريخ.
وقال رئيس وكالة الفضاء المصرية: «إن مسبار الأمل ليس مجرد مشروع علمي طموح، وإنما قفزة نوعية غير مسبوقة تحققها دولة في منطقة الشرق الأوسط، فبوصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ في 9 فبراير 2021 أصبحت دولة الإمارات خامس دولة في تاريخ البشرية تصل إلى كوكب المريخ، وثالث دولة تستطيع الوصول إلى المريخ من أول محاولة، وهو أمر مهم جداً يعكس مدى أهمية وعظمة الإنجاز الإماراتي».
نتائج مهمة
وبدوره، وصف الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، برنامج مسبار الأمل بـ «مشروع قومي عربي» رفع سقف الطموحات لدى جميع الفلكيين العرب بلا استثناء، مشيداً بالنتائج الطيبة التي حققها المسبار خلال العامين الماضيين.
وقال الدكتور القاضي لـ«الاتحاد»: «تمثل الذكرى الثانية لإطلاق مسبار الأمل فرصة مهمة لإعادة التأكيد على مدى أهمية هذا الإنجاز الإماراتي العربي الذي يعزز من حجم القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي باتت تحتل مكانة دولية مرموقة على مستوى التطور العلمي والتكنولوجي، وهو الأمر الذي تعكسه العشرات من أوراق الأبحاث التي نُشرت بشكل علمي خلال العامين الماضيين عن مسبار الأمل».
وأضاف: «بلا شك أن إنجاز مسبار الأمل خلال العامين الماضيين أسفر عن العديد من المكاسب العلمية، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات الدولية عبر نجاحاتها وإنجازاتها في مجال الفضاء، فخلال العامين الماضيين أفردت الدوريات العلمية ووسائل الإعلام المختلفة مساحات كبيرة للحديث عن الإنجاز الإماراتي الفريد والطموح».
نجاحات إماراتية
وأشاد رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر بنجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في توفير بنية أساسية وعلمية وطنية لإنجاح برنامج مسبار الأمل الذي وقف خلفه فريق وطني من الكفاءات والقيادات الإماراتية، الأمر الذي يظهر جلياً في تصنيع 66 قطعة من المسبار في الإمارات.
وأشار القاضي إلى أن الدوافع الوطنية والقيادات الإماراتية الملهمة أسهمت بشكل كبير في تقليص عدد سنوات إتمام مهمة مسبار الأمل، فلم تستغرق هذه المهمة من لحظة الإعلان عنها في 16 يوليو 2016 وحتى انطلاق المسبار في مهمته إلى المريخ في 20 يوليو 2020، سوى 6 سنوات فقط، مع العلم أن مثل هذه المهام العلمية الكبرى تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل لإتمامها، هذا بالإضافة إلى التكلفة التي قُدرت بنحو 200 مليون دولار، وهي أقل من مثيلاتها عالمياً بفضل كفاءة فريق العمل من الكوادر الوطنية الإماراتية.
وقال الدكتور القاضي: «يُعد كوكب المريخ واحداً من أهم كواكب المجموعة الشمسية، وتزداد أهميته نظراً لقربه من الأرض، ويشبه كوكب الأرض في بعض الظروف، الأمر الذي أوجد احتمالية كونه صالحاً لحياة الإنسان، ومن هنا تأتي أهمية برنامج مسبار الأمل المعني بدراسة كوكب المريخ، فالمعلومات التي يوفرها مسبار الأمل تساعد بشكل كبير في فهم طبيعة الكوكب الأحمر، والتأكد من صلاحيته لحياة البشر».