هناء الحمادي (أبوظبي)
أكد الطلبة المبتعثون للدراسة في فرنسا على أن لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» سيظل علامة فارقة في حياة كل منهم، وهو لقاء تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معاني ودلالات، مشيرين إلى أن كلمات سموه ستكون نبراساً لهم يهتدوا بها ويرسموا بها خريطة طريق نحو مستقبل مشرق من الإبداع والريادة في خدمة الوطن.
وقالوا خلال لقاءات مع «الاتحاد» إنهم حملوا معهم أحلامهم لرد الجميل للوطن الذي وفر لهم كل سبل الرعاية والدعم للالتحاق بأرقى جامعات العالم والاندماج في مجتمعات جديدة ذات تجارب ريادية في العالم، ولكن مهما بعدت المسافات تتزايد لديهم مشاعر الانتماء وحب الوطن، وهم يرفعون علم الإمارات عالياً بأعلى الشهادات، مؤكدين أن المواطنة ليست كلمات ولا عبارات وحسب، بل فعل ووفاء، حيث يحرصون على إظهار صورة مشرِّفة عن الدولة والتعريف بها بفَخر واعتزاز ووطنية. كما يحرصون على إظهار اجتهادهم في نيل المعرفة والتسلّح بالعلم، ومن ثم العودة إلى الوطن من أجل رفعته.
رد الجميل
وقالت الدكتورة أمل المازمي طبيبة تخصص جراحة المخ والأعصاب في فرنسا في جامعة ليون: «يتميز هذا التخصص بدقة عالية في الأداء ونظراً لقلة الكوادر المواطنة في هذا التخصص، تم اتخاذ القرار لاكتشاف المزيد من الثقافة الطبية، كما أن هذا التخصص لا يحتاج فقط الى تفوّق دراسي أكاديمي بل يحتاج إلى مجموعة من المهارات والتدريبات الشاقة التي يتعلّمها الطالب في فترة دراسته الطويلة حتى يكون مؤهلاً لإجراء هذا النوع من العمليات المعقدة التي لا تشمل المخ والحبل الشوكي فقط بل تمتد لتشمل العديد من طرق العلاج للأمراض المرتبطة بالجهاز العصبي والتي تحتاج لدراسة دقيقة تخصص جراحة الأعصاب.
وتضيف: «طموحاتي لا حدود لها أعلم أن هذا الحلم سيتطلب مني مشواراً دراسياً طويلاً بلا شك ولكني مستعدة تماما لنيل الخبرة والمهارات ومواجهة جميع التحديات التي تكفل لي تحقيق هذا، فالجراح الذي تراه واقفاً في غرفة العمليات محاطاً بالمساعدين والممرضات، وصل إلى هذا الوضع بعد سنين طويلة من التعلم الأكاديمي الصارم في تخصص جراحة الأعصاب، والتدريبات العملية الشاقة والاحتفاظ بثبات أعصابه وصبره طوال فترة الجراحة والمتابعة، إلى جانب مهارات اتصال عالية تجعله يشخص الأمراض التي يعاني منها المرضى بسرعة وفعالية.
وحول تجربة الابتعاث في أفضل جامعات فرنسا، تلفت المازمي أنه بفضل القيادة الرشيدة ودعمها اللامحدود للطلبة المبتعثين استطاعت أن تحقق حلمها في أرقي الجامعات العلمية الفرنسية وهي تجربة جميلة بحد ذاتها وفرصة لتعلم لغة جديدة والتعرف على ثقافات فرنسا الكثيرة. وتبين «القيادة الرشيدة دائما تبادر وتحرص على توفير الاهتمام والدعم مما يرفع علينا سقف واجب رد الجميل للوطن، الأمر الذي يراهن الجميع فيه بأننا نستطيع أن نجتاز جميع التحديات ورد الجميل للوطن.
الغربة مدرسة
بينما الدكتور عمر أحمد الشكيلي خريج طبيب عام من جامعة الإمارات عام 2014، التحق بمستشفى الشيخ خليفة بأبوظبي كطبيب امتياز في نفس العام، ومن ثم تم قبوله في برنامج إقامة الأطفال في مستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي وهو يعد من أفضل مراكز تدريب تخصص قسم الأطفال بدولة الإمارات، ويقول عن تجربة الابتعاث في فرنسا: «لاكتساب المزيد من الخبرة والمهارة تم ابتعاثي إلى فرنسا، وقد منحتنى الغربة دروساً كثيرة، حيث أسهمت في إدراكي معنى الاستقلالية والاعتماد على النفس، وتحمل المسؤولية، فالغربة مدرسة ثقافية أكسبتني الثقافات الأخرى، كما منحتني فرصة التعرف على جنسيات مختلفة، وصنعت مني شخصية قادرة على اتخاذ القرارات بشكل فردي من دون اللجوء إلى الآخرين حتى في أصعب الأوقات».
وحقق الشكيلي الكثير من الإنجازات التي يفتخر بها مثل إتمام دورة تدريبية في قسم قلب الأطفال بمستشفى McGill بكندا، عضو بمجلس أطباء التخصص بمستشفى الشيخ خليفة، لديه العديد من البحوث العلمية نشرت بمجلات علمية في تخصص الأطفال، حاصل على البورد العربي تخصص أطفال ويسعى حاليا لإنجاز برنامج «زمالة أطفال» في فرنسا.
اكتساب الخبرة
أما الدكتور فيصل البستكي فهو يحلم بالطب منذ كان عمره 12 عاما، لكن تلك الأحلام تحققت على أرض الواقع حين تم ابتعاثه إلى ايرلندا لدراسة الطب البشري، ثم استكمال هذه الرحلة العلمية إلى فرنسا ليسير الدكتور فيصل البستكي على نهج والده الطبيب، ويقول: «بفضل دعم القيادة الرشيدة التي لم تتوانى عن ابتعاثي إلى أفضل وأرقى الجامعات في العالم، وبعد أن حصلت على بكالوريوس الطب البشري عدت للوطن وعملت عاماً في مركز خليفة الطبي في أبوظبي، أدركت أهمية السفر للخارج لأفضل المستشفيات الفرنسية والمعاهد، وذلك لتقديم كل الخبرة والمعرفة لخدمة الوطن وتقديم أفضل الرعاية الصحية في هذا المجال.
ويضيف: «تم ابتعاثي إلى فرنسا للتخصص في «طب الغدد الصماء والتغذية» حيث شغفي هو التعمق أكثر في التخصص، والدافع الثاني تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في اكتساب الخبرات العلمية مع أفضل الأطباء في هذا التخصص.
مؤكدا: «أهدافي تتحقق بفضل الله ودعاء الوالدين، وتطلعاتي المستقبلية في هذه المرحلة من الابتعاث هو النجاح والتميز والتفوق في دراستي العليا، لأعود بعد هذا الإنجاز لأرض الوطن الحبيب لرد الجميل.
دعم القيادة
ولأن طموحاته لم تتوقف عند محطة النجاح في الثانوية العامة، بل كانت تطلعاته الابتعاث إلى الخارج لدراسة الطب البشري في الكلية الملكية للجراحين بإيرلندا، وكانت هذه الخطوة الأولى في تحقيق أحلامه. يقول عبدالله الفزاري: «تم قبولي في الكلية الملكية وخلال رحلة الدراسة من الطبيعي أن تكون هناك صعوبات خاصة في بداية الغربة مثل اللغة والتعامل مع أفراد مجتمع من ثقافات لكن بفضل الدعم اللامحدود من الأهل والأصدقاء وسفارة الدولة لم يكن ذلك عائقا كثيرا، بل كانت نقطة تحقيق الطموح والتميز.
مبينا أن الرحلة الدراسية لم تكن في إيرلندا بل أيضا في الكلية الملكية للجراحين في ماليزيا، وهذه كانت بالنسبة له فرصة لاكتساب الخبرة في النظام الصحي في مستشفيات شرق آسيا واكتساب الكثير من الخبرات الطبية هناك، ورغم الصعوبات التي واجهته إلا أن ذلك لم يقلل من عزيمته في التعلم.
ويضيف: «بعد التخرج بدرجة امتياز في الطب البشري أنهيت سنة الامتياز في مستشفى كليفلاند في أبوظبي، ومن ثم تم قبولي في تخصص جراحة المخ والأعصاب في مستشفى راشد في دبي لمدة عام ومن بعدها قررت أن أكمل تدريبي في تخصص جراحة المخ والأعصاب في فرنسا بمدينة تولوز. ويلفت الفزاري سبب شغفه لهذا التخصص أنه يرجع لقلة الكوادر المواطنة، وحبه للعمليات الدقيقة، ومن ثم يسعى لإكمال التخصص في جراحات قاع الجمجمة، وجراحة الأوعية الدموية في المخ.
أرقى الجامعات
بكل فخر واعتزاز يرى عبدالله الفزاري أن دعم القيادة الرشيدة للمبتعثين من الأطباء في فرنسا لا حدود له من جميع النواحي. ويقول يكفي فخراً كإماراتيين أننا نتعلم في أرقى الجامعات وأفضلها في فرنسا، ونكتسب الخبرة والمهارة على أيدي أطباء فرنسيين أكفاء وذي خبرة كبيرة.
ويضيف» التعلم في فرنسا متطور جدا علميا ومنفتح على العالم ومتطور في البحث العلمي، وهذه فرصة ليست فقط للتدريب الطبي ولكن أيضا لانفتاح الإماراتيين على الشعوب الأخرى ومشاركة ثقافتنا وعاداتنا وتعريف الناس بدولة الإمارات وفي الوقت ذاته اكتساب تعلم اللغة الفرنسية».
تمثيل الدولة
وأشارت الدكتورة عائشة الشحي خريجة جامعة الإمارات كلية الطب والعلوم الصحية إلى أن تحقيق النجاح والتفوق ورد الجميل للوطن هدف الكثير من الأطباء والطلبة المبتعثين الإماراتيين في فرنسا، لتعلو تلك الطموحات بتحقيق إنجازات علمية وتخصصات مختلفة يسعى لها الطلبة بالتعلم في أفضل جامعات فرنسا ومع خبراء وأطباء في عدة مجالات، فهي طبيب مقيم قي تخصص التخدير والعناية المركزة في مدينة ليون الفرنسية، مؤكدة أن شغفها للابتعاث واستكمال الدراسات العليا بدأ خلال سنة التدريب كطبيب مقيم حيث أيقنت أن التخصص يعاني عزوف الكثير من خريجي الطب، لذلك حبا في اكتساب الكثير من المعرفة الطبية في هذا المجال أمضت الشحي عاماً في مستشفى كليفلاند في أبوظبي قبل الابتعاث إلى فرنسا.
وتقول الشحي: «أيقنت حينها أن اختياري لطب التخدير يعني تحملي مسؤولية كبيرة والعمل لساعات طويلة، إلا أنه تخصص ممتع وبعيد كلياً عن العمل الروتيني، وخلال التدريب صادفت مزيجا رائعا من الحالات السريرية المختلفة».
مبينة الشحي: «أطمح أن أكون طبيبة ناجحة في مجال التخدير والعناية المركزة، وكما عاهدنا جميعا في القسم الطبي، إضافة إلى تسخير العلم لنفع الإنسان، فإن أكبر طموحي هو «أن أعُلم من يصغرني» حتى نرى في المستقبل ازدهارا في مجال التعليم السريري في دولة الإمارات.
وحول دعم القيادة الرشيدة للأطباء في فرنسا تلفت الشحي: «إن ما نعيشه اليوم من ازدهار وتطور في جميع المجالات ليس إلا ثماراً نجنيها بفضل دعم قيادتنا الرشيدة، وهو الحافز الأكبر للمضي قدماً، ولاشك أننا نلاقي الدعم المادي إلى جانب الدعم المعنوي المستمر، راجين أن نرد الجميل لدولة الإمارات، فقد عودتنا قيادتنا أننا أهل لتحقيق الإنجازات والمكاسب، وتسجيل البصمات الناصعة في أرجاء العالم.
غربة وطن
خلال الغربة لا تخفي عائشة الشحي عقبات الغربة أنها مُرة وتعلم لغة جديدة لم يكن بالأمر السهل كما أن التكيف مع ثقافات ومعيشة جديدة تتطلب الكثير من المرونة، ولكنها فرصة جميلة لاكتساب القدرة على التعامل وتحمل المسؤولية. وإن من أكبر المسؤوليات التي تقع على عاتقها، كما تقول «أنني أمثل دولتي أينما كنت متمنية دائماً أن أكون خير ممثل لها».