الإثنين 7 أكتوبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

في عهد خليفة.. المسرح وفنون الأداء رسالة تسامح وتنوير

في عهد خليفة.. المسرح وفنون الأداء رسالة تسامح وتنوير
26 يوليو 2022 01:25

محمد عبدالسميع (الشارقة)

من الفوائد الثقافية الجمّة التي تحققت منذ قيام الاتحاد، تألق الإبداعات الأدبية والفنيّة تحت مظلّة وطنيّة واحدة؛ فقد كان أبناء الوطن يتطلّعون إلى نهضة ثقافية شاملة بحجم طموحات قيادتنا الرشيدة ورؤية ما تحققه الإمارات في كلّ عامٍ جديد من مكاسب وإنجازات في كافة المجالات، وخاصة في الجانب الثقافي، الذي كان مواكباً لمشروعات التنمية والنهضة، ولذلك فقد توهّج الطموح الثقافي عبر الأجيال، وأصبح نموذجاً ثقافياً وحضارياً متميزاً؛ برؤية الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورؤية المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، في العناية بالثقافة وتعظيم مصادر القوّة الناعمة ومن ضمنها دعم حركة الفكر والآداب والفنون بمختلف أنواعها. وفي هذا السياق ظل المسرح «أبو الفنون»، يتطوّر وتترسّخ رسالته الرفيعة في نشر الوعي وقيم التسامح والتنوير في نفوس روّاده وشبابه ولدى أفراد المجتمع، بفضل دعم المؤسسة الثقافيّة التي أنشأتها الدولة لتحتضن كلّ الإبداعات وتهتمّ بها، وتضم كل الأعمال قائمة على الرؤية والدراسة، وجعل الثقافة الرفيعة أسلوب حياة، وواقعاً معيشاً بين الناس.

لقد تطوّر المسرح في عهد فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وعرفت الأجندة الثقافية زخماً كبيراً لهذا الفنّ الراقي الأصيل الذي يشكّل جانباً مهماً من لغة العالم الحضاريّة، وتضعه مختلف الشعوب نصب أعينها للدلالة على قوّة إنتاجها الثقافي وتنوع وثراء فضائها الفكري.
وإذا كان «أبو الفنون» قد نشأ في الإمارات أصلاً من رحم المدارس والنوادي واستلهم من تراث وثقافة الصيادين على البحر، قديماً، ليتأطّر بعد ذلك فيكون له واقعه وينافس من موقع الصدارة في المحافل الثقافية الإقليمية والدولية، ويصنع لنفسه دوراً تنويرياً ضمن التزام رسالة الفنان في خدمة المجتمعات وإمتاع النخب وتوفير الفرجة الراقية للجمهور... فقد عكس أيضاً تفاعل المثقف والفنان الإماراتي، في مجال المسرح، بمن حوله ضمن سياقات تبادل التأثر والتأثير الثقافي، لكي يكون اليوم حاملاً لمشعل التنوير والفكر والوعي المستنير.
وفي السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وحتى السنوات الأولى في الألفية، كانت المراكمة الناجحة والسَّير نحو الريادة والإنجاز بمقاييس الاحتراف وتجاوز جانب الهواة إلى تحقيق جوائز قيّمة وإثبات الذّات، لتكون فترة ما بعد الألفية في العشريّة الأولى منها أيضاً فترةً مضيئةً أخرى بفضل رؤية مؤسسية ودعم لوجستي واضح وبنية تحتيّة للمسرح في كلّ مناطق الدولة، ليسهم المسرح بذلك في النهضة الثقافية الشاملة، ويشهد على هذا تنوّع وتعدد المسارح وفعالياتها وأيامها وهدفها وجغرافيّة المشاركين فيها.
وهكذا فقد نما المسرح الإماراتي بوتيرة متسارعة ومتميزة، ليحصد جوائز عربيّة ويعرض مسرحيات محليّة نالت الإشادات عربياً وعالمياً.

وفي أبوظبي لقي المسرح دعماً مباشراً من القيادة واهتماماً كبيراً بأثره التوعوي الاجتماعي من خلال العروض المسرحية، إلى جانب ازدهار الفعاليات الثقافية والفنيّة الكثيرة الأخرى، وقد اتضح هذا بعناية هذا المسرح بالشباب وتأهيلهم الفني والإبداعي وتعزيز حضور الجمهور وجذبه. وقد انطلق هذا المسرح عام 2006 ليشتمل على نشاطات متنوعة، منها الرمضاني والأدبي والفعاليات الشعرية والنبطية، أمّا العروض المسرحيّة خاصة فقد كان لها حظّ وافر من العرض على خشبة هذا المسرح سواءً في عروض الطفل أو الشباب أو المحترفين، في مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، وغيره من المهرجانات المتألقة الكثيرة.

منارة مضيئة
اهتمّ مسرح الإمارات بدعم كلّ الفرق المسرحيّة في كلّ مناطق الدولة وإماراتها، في استضافات مهمّة، مثل فرقة المسرح الوطني بالشارقة وفرقة أبوظبي، وفرقة مسرح دبي الشعبي، وفرقة مسرح رأس الخيمة الوطني، وفرقة مسرح الفجيرة الوطني، وفرقة مسرح كلباء الشعبي، وفرقة مسرح خورفكان للفنون، وفرقة مسرح دبا الحصن، وفرقة المسرح الحديث في الشارقة، إضافة لعروض الفرق الزائرة وكذلك الجامعات والمدارس والمؤسسات الرسمية بأبوظبي، فهو وبشهادة القائمين عليه والجمهور مسرح يشكل منارة مضيئة للإبداع، وتقوم عليه رؤية تبرز الوجه الناصع لأبوظبي ودولة الإمارات. كما أنّه يستقطب أيضاً عروضاً خليجية وعربية وعالمية، وبينه وبين مؤسسات المسرح العربي والعالمي والمعاهد ذات العلاقة اتفاقيات وتعاون، بهدف خلق جيل مسرحي يتمتع بمهارات عالية للنهوض بالعمل المسرحي وتطويره، من خلال ورشات المسرح التفاعلي وخلق حوار بين المسرحيين في أعمالهم وأفكارهم وتجسيدها، إضافة إلى الندوات التي تستضيف كبار المسرحيين العرب والعالميين.

المسرح المدرسي وبناء الشخصيّة الإبداعية
لقد اهتمّت وزارة التربية والتعليم بالمسرح في عهد الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، لأهمية تعويد النشء الجديد والأجيال على حبّ هذا الفن الرفيع لما له من دور إيجابي وأثر كبير في بناء الشخصيّة الإبداعية وصقلها، وكون المسرح فناً تظهر فيه كلّ الآداب والفنون الأخرى في الحوار وقوة الحديث والثقة بالنفس. 
فقد أسهمت الوزارة في برامج منتظمة ومشاريع جادة لتمكين الطلبة والطالبات من مهارات فن المسرح كفعل ثقافي وحواري وقصصي تسرد فيه منجزات الوطن وقصة نهوضه ومكاسب تنميته، مثلما هو أيضاً مصدر للتعبير عن الذات وأهمية التسامح في الحياة. ومن تلك المبادرات والفعاليات والبرامج؛ مهرجان الإمارات للمسرح المدرسي 2018 تحت شعار «على خطى زايد»، ومبادرة «بداية الحكاية» التي تستهدف مرحلة رياض الأطفال ومدارس الحلقة الأولى، ومبادرة منهاج المسرح المدرسي، والملتقى الأول لمعلمي المسرح تحت شعار «المسرح المدرسي بين الرؤى والطموح»، ومذكرة التفاهم لتبادل المعارف والمهارات والخبرات بين وزارة التربية والهيئة العربية للمسرح، ومهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، ومهرجان الإمارات المسرحي الجامعي، وتشكيل الفريق الوطني للمسرح المدرسي.

شهادات وإشادات بالإنجازات 
لقد ظل أداء الحراك المسرحي رفيع الوتيرة، فوجود جمعية المسرحيين الإماراتيين ما زال يؤكّد الدور الاحترافي للنهوض بالكفاءات المسرحيّة، مثلما كانت أيام الشارقة المسرحيّة ذات أثر كبير في هذا المجال وفي الاحتفاء بإبداع الفرق ودعمها، وكذلك دعم كلّ أنواع المسرح الخليجي والعربي والمدرسي والصحراوي وغيره في الشارقة.

وقد كتب مسرحيون عرب عن واقع المسرح الإماراتي وطموحه، مؤكدين النهضة المسرحية في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد طيب الله ثراه، وألفوا في ذلك مؤلفات موثقة ورصينة، وكان الإعجاب بحجم دعم الدولة وسعيها للانتقال من مرحلة نجاح إلى مرحلة أخرى هو العنوان الأبرز في تلك المؤلفات والشهادات والإشادات الثقافية.

ترميم مسرح باريس
كان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ذا رؤية حكيمة وواثقة بأهميّة الفنون والثقافة في بناء الوعي المجتمعي المستنير وإيصال رسالة القيم الراقية للناس، فكانت كلّ سياقات الفنون والآداب والفكر والمؤسسات الحاضنة لذلك تعمل في كلّ أرجاء الدولة في هذا الاتجاه، من خلال المبادرات الرفيعة، كمبادرات القراءة على سبيل المثال، ومعارض الكتب، ومبادرات أخرى متعددة أسهمت في ترسيخ المزيد من الوعي بقيمة الثقافة والفن في حياة الناس.
ولم يكن التراث أيضاً استثناءً من ذلك، ومثله المتاحف والأرشيف الوطني وكلّ الفنون من سينما وتشكيل وموسيقى وغيرها، إذ كان فقيد الوطن، طيب الله ثراه، مهتماً أشدّ الاهتمام بكل ذلك، في جوّ من التشجيع والدعم والعطاء السخي.
ويكفي أن نشير إلى رؤية الغرب إلى الإمارات في مجال المسرح وما حققه من حضور متطوّر، كما في البصمة الواضحة للشيخ خليفة من خلال مكرمته الجليلة بترميم مسرح قصر فونتينبلو بباريس، وقد سمّي هذا المسرح تقديراً لذلك عند افتتاحه باسم مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وهو ما يجسد تقدير وتثمين دولة صديقة راعية للثقافة والفن كفرنسا لدور الإمارات المميز والكبير في هذا المجال، ولمبادراتها الثقافية النوعية والحضارية الكبيرة التي رعت عملية ترميم استمرت سبعة أعوام لهذا المعلم الثقافي التاريخي العائد إلى القرن الثامن عشر.

الهيئة العربية للمسرح
إنّ حضور الهيئة العربية للمسرح في الشارقة ودورها الكبير في كلّ البلدان العربية، وحملها راية التثقيف والدعم، يعبّر عن مدى الدعم في دولة ذات رسالة ورؤية واهتمام، بدعم مباشر من القيادة الرشيدة، ولذلك فقد كان هذا الفن الأصيل ينمو باطراد وثقة من خلال دعم الإبداع العربي المسرحي، وخصوصاً في ظلّ الضائقة المالية التي تعيشها بعض الفرق والهيئات في عدة دول عربية في مجال المسرح.
وفي نظرة إلى البدايات في عملية مقارنة نرى حجم الإنجازات من خلال العدد الكبير من المبدعين الإماراتيين المحترفين في مجال المسرح وفنون الأداء، من المسرحيين والرواد في حقول الإخراج والتمثيل وكتابة النصوص المسرحيّة، بدعم ورعاية القيادة الرشيدة النابعَين من اهتمام ورؤية لدور المسرح التوعوي الوطني والثقافي والمعرفي والاجتماعي في النهوض بالإنسان والمجتمع ورفع جودة حياته في كافة المجالات، وجعله ينظر للحياة بمنظار من الألق والثقة والسعادة والإيجابيّة والكفاءة العالية في الأداء في خدمة الوطن.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©