سامي عبد الرؤوف (دبي)
أكد منتدى مستقبل الصحة وجودة الحياة، أهمية وجود مخططات واستراتيجيات واضحة لإدارة الأزمات في المستقبل، واستخدام التكنولوجيا الطبية، والتركيز على الابتكار والذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أهمية الاستعداد المستدام لأي تحدٍّ مستقبلي بالقطاع الصحي، وأي أزمة صحية جديدة، بما في ذلك التغير المناخي الذي يحتاج إلى فهم أكبر.
ودعا معالي عبدالرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، إلى تمكين منظمة الصحة العالمية من الوصول إلى المعلومات الصحية على المستوى العالمي، مؤكداً دعم الجهات الصحية في دولة الإمارات لهذا الأمر؛ لأهميته وفائدته في حماية المجتمعات من الأوبئة والأمراض. وقال المسؤولون المتحدثون في الجلسة الرئيسة للمنتدى، والتي جاءت بعنوان: «الاستدامة الصحية.. على الأولويات»: «نحن بحاجة إلى مقاربة شاملة وتعزيز الخدمات الصحية الرقمية، التي أصبحت ميداناً جديداً للعمل من خلال الرعاية عن بُعد واستخدام الآلات والتقنيات الحديثة في الطب».
وتفصيلاً، قال معالي عبد الرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع: «بعض التحديات الصحية التي توجد في بلدان معينة قد لا توجد في بلدان أخرى، فالتحديات الصحية متنوعة ومختلفة إلى حد ما؛ لكن في جميع الأحوال لا بد من تحويل التحديات إلى فرص ونجاحات». وأضاف معاليه: «بالنسبة لنا في دولة الإمارات، لدينا قيادة حكيمة، ونحن محظوظون بهذه القيادة، حيث ساعدتنا على تحويل المِحنة إلى مِنحة، وجعلت القطاع الصحي في أفضل مؤشرات التنافسية العالمية، مقارنة بأفضل دول العالم، رغم جائحة (كورونا)، وتداعيات التغير المناخي وغيرهما».
التغير المناخي
ولفت معالي العويس إلى أن التغير المناخي سيؤدي إلى 250 ألف وفاة إضافية سنوياً في عام 2050 بسبب سوء التغذية والملاريا، وغيرها من الأمور المرتبطة بالتغير المناخي؛ ولذلك فنحن نضع أولوية لدمج التغير المناخي في خططنا الصحية. ثم تحدث عن المرونة باعتبارها أحد أهم الملفات التي يجب التركيز عليها مستقبلاً، حيث يجب بناء أنظمة مرنة وقادرة على التكيف، مشيراً إلى أن الإمارات جاءت في المركز الأول عالمياً في مرونة التعامل مع جائحة «كوفيد-19». وذكر أنه يجب دمج المرونة في أنظمتنا الصحية؛ لأن المرونة تستجيب بسهولة للأزمات والطوارئ، لافتاً إلى أن العاملين يحتاجون إلى مهارات جديدة.
مقومات النجاح
وقال معاليه: «من أهم الدروس التي تعلمناها من الأزمات الصحية الأخيرة، أنه يجب حصول أفراد المجتمع على رسالة واضحة، ورأينا أن وسائل التواصل يمكن أن تقوض الجهود المبذولة؛ ولذلك يجب تعزيز الثقافة المجتمعية حول كيفية التصرف والتعامل مع الأوضاع الصحية المختلفة، بما فيها الطارئة».
التجربة المصرية
أكد معالي الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان بجمهورية مصر العربية، تنفيذ خطة لإنشاء مراكز رعاية صحية أولية في نحو 4000 قرية موزعة على أنحاء الجمهورية كافة، لبناء مجتمع آمن صحياً، مستعد للأزمات الطارئة، مؤكداً ضرورة التسلح بالتكنولوجيا الحديثة، والذكاء الاصطناعي للقضاء على الأمراض. وأشار إلى أنه على الحكومات أن تعيد النظر في تمويل المشروعات الطبية الضخمة، بحيث لا تنتظر وقوع الأزمات لتقوم بهذه المهمة، وإنما الانتباه لها قبل وقوعها، لحماية المجتمعات من آثارها الكارثية، والاستعداد لها في كل الأوقات. ولفت إلى أن 8% من إجمالي المصريين فوق سن الـ60 عاماً، خصصت لهم الحكومة برامج صحية خاصة، إضافة إلى إجراء مسح صحي شامل رصدت خلالها نسب الإصابة بالأمراض المختلفة، ووفرت الحكومة من خلال قاعدة بيانات ومعلومات صحية، تمكنها من وضع الخطط واتخاذ الإجراءات المناسبة في حال الأزمات. وشدد على ضرورة التعلم من الدروس المستفادة من جائحة «كوفيد-19»، من خلال دراسة الوضع الصحي بشكل مفصل، واتخاذ الإجراءات الوقائية التي تضمن سلامة الشعوب، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية واجهت الأزمة بحكمة ودراسة، وخففت الضغط على القطاع الصحي، من خلال إشراك القطاع الخاص، واستغلال موارد الدولة بشكل سليم. وقال عبدالغفار: «تعمل الحكومة المصرية على تحسين برامج الرعاية الصحية الأولية، انطلاقاً من الدروس المستفادة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة».
الرؤية العالمية
قال الدكتور مايك ريان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية «سافرت إلى حلب مؤخراً، وأمضيت بضعة أيام، وهناك لاحظت شجاعة المجتمعات لمواجهة التحديات الصحية الناجمة عن الزلزال الذي ضرب سوريا وأيضاً تركيا، حيث تبين أن أكثر الأشخاص الذين تم إنقاذهم، كان من خلال أقاربهم وأشخاص محليين».
وأضاف: «هذا يقدم لنا درساً مهماً، مفاده أنه يجب إعداد الأشخاص المحليين لمواجهة الأزمات الطارئة، والتجربة تثبت أنه يتعين على البلدان العمل بمفردها، خاصة عند بداية الأزمات، وهذا يستدعي الاهتمام بتعزيز المؤسسات والقطاع الخاص، بما في ذلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة».
ثم تحدث عن إشكالية نقص الميزانيات الصحية في العديد من دول العالم، مشدداً على أنه يجب النظر للقطاع الصحي، وتوفير الرعاية الصحية على أنه استثمار وليس تكلفة باهظة، ولذلك لا بد من اعتبار التأمين الصحي.
ضمان للمستقبل
لفت إلى تحدي غياب الثقة بين الأفراد والجهات الصحية، وهو تحدٍّ يجب ألا يكون موجوداً من الأساس، مشدداً على أن الخطط البديلة وخطط الطوارئ، يجب أن تكون موجودة قبل الأزمة. ونبه إلى أن الأمن الغذائي من العوامل المهمة لتفادي الأزمات الصحية، وتخصيص الميزانيات اللازمة، وتعزيز الأجهزة الطبية المستخدمة، والاستثمار في الرعاية الصحية الأولية لضمان مواجهة الأزمات الصحية المستقبلية.
وقال: «كل دولة بحاجة إلى خطة واضحة واستجابة على المدى الطويل، وتوفير الميزانية المطلوبة، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يحقق نقلات نوعية في تقديم الخدمات وبتكلفة أقل». ولفت إلى أن 80% من الأوبئة تحدث في الدول التي تعاني هشاشة في الوضع الصحي، مشدداً على ضرورة الحماية والتعاون على الصعيد الصحي الدولي، لضمان الحماية على المستوى الوطني، حيث أصبحت الجائحات والأوبئة عابرة للحدود، وهو ما يستلزم تشارك الإمكانات والقدرات للحفاظ على الصحة العالمية.