هالة الخياط (أبوظبي)
تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الهندية، علاقات ثنائية قوية ذات جذور تاريخية، وتشتركان في تاريخ طويل وغني من الروابط الاجتماعية والاقتصادية الممتدة لقرون عدة.
وتقوم العلاقات الإماراتية الهندية على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في العديد من المجالات، وهي قديمة وضاربة في عمق التاريخ، إذ إنها قامت على أسس ثقافية ودينية واقتصادية، بنيت على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر من أجل التنمية والازدهار للبلدين والشعبين.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية رسمياً بين الدولتين في عام 1972، وتم تعزيزها بشكل كبير على مرّ السنين، حيث عينت دولة الإمارات أول سفير لها لدى نيودلهي في العام 1972، بينما عينت الهند أول سفير لها لدى دولة الإمارات في يونيو من عام 1963.
وتوجد شراكات استراتيجية بين الدولتين في مجالات عدة، منها الاقتصاد والتجارة والاستثمار، إضافة إلى التعاون في مجالات الدفاع والطاقة والفضاء وتكنولوجيا المعلومات.
زيارات متبادلة
وتشهد العلاقات الثنائية بين الدولتين زخماً من وقت لآخر من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين، ومنها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الهند في عام 2016 وعام 2017، حيث حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بصفته ضيف الشرف في احتفالات يوم جمهورية الهند.
وقام رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي بزيارة إلى الإمارات في يونيو 2022، وفي أغسطس من عام 2015، وفي فبراير من العام 2018، وفي أغسطس 2019، وتسلم وسام زايد وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات؛ تقديراً لدوره الحيوي في بناء العلاقة الاستراتيجية مع الدولة.
وشاركت الهند «كضيف الشرف» في مهرجان أبوظبي الثقافي السنوي في دولة الإمارات في مارس من العام 2018، حيث استعرضت فيه الهند ثرواتها الثقافية المتنوعة إلى العالم.
رؤية مشتركة
وقادت الشراكة بين البلدين العمل المشترك إلى اتفاقيات ومذكرات تفاهم عدة في العديد من المجالات، بما في ذلك الاقتصاد، وتغير المناخ والحفاظ على الحبارى، بجانب الصناعات والتقنيات المتقدمة والتطوير والاستثمار في مجال الهيدروجين منخفض الكربون والأمن الغذائي، إضافة إلى الخدمات المالية وإصدار طوابع هندية - إماراتية مشتركة.
وأطلقت دولة الإمارات وجمهورية الهند «الرؤية الإماراتية - الهندية المشتركة» في ختام قمة ثنائية عقدت في فبراير 2022 عبر الاتصال المرئي جمعت صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ودولة ناريندرا مودي، رئيس وزراء جمهورية الهند الصديقة، بشأن معالم الآفاق الجديدة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين دولة الإمارات والهند.
وجاءت هذه الرؤية تتويجاً لخمسين عاماً من العلاقات الثنائية القوية، واتفق الجانبان على خريطة طريق لشراكة مستقبلية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند، وسيعمل البلدان معاً بشكل أوثق لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، وتحقيق الأهداف المشتركة، وبناء علاقة قوية ومرنة مستعدة للمستقبل. كما ستعمل خريطة الطريق على تعزيز آليات تجارة واستثمار وابتكار جديدة وتطويرها، وتكثيف المشاركة الثنائية في مجالات متنوعة.
نموذج استثنائي
تعتبر العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند الصديقة نموذجاً استثنائياً للتعاون الثنائي والشراكة المثمرة الهادفة إلى تعزيز التنمية المستدامة، والرخاء الاقتصادي، والازدهار المتواصل لشعبي البلدين، بدعم ورعاية من قيادتي البلدين الصديقين. وتشهد علاقات البلدين زخماً متواصلاً، مدفوعاً بالرغبة المشتركة لدى أبوظبي ونيودلهي في المضي قدماً بتعاونهما، والبناء على ما حققاه من نجاحات في ضوء شراكتهما الاقتصادية الشاملة لتعزيز حجم التبادل التجاري غير النفطي بينهما والذي وصل خلال عام 2022 إلى 189 مليار درهم، بنمو قدره 15% مقارنة بعام 2021، إضافة إلى العمل بشكل وثيق على إرساء آليات من شأنها زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، وتنويع مظلتها لتشمل قطاعات جديدة خلال المرحلة المقبلة، حيث بلغت قيمة التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الهند نحو 56.5 مليار درهم بنهاية 2022، وتركزت في قطاعات الطاقة المتجددة، والاتصالات والبنية التحتية للطرق والعقارات والشركات الناشئة، فيما تشهد الاستثمارات الهندية زيادة مستمرة في الإمارات، وسجلت ما قيمته 30 مليار درهم بنهاية عام 2020.
الجالية الهندية
توجد بالإمارات جالية كبيرة من الهنود، وتشير التقديرات إلى أن الاستثمارات المحلية للهنود غير المقيمين في الإمارات تبلغ نحو 55 مليار دولار (201 مليار درهم)، باستثمارات تقدر بنحو 8 إلى 9 مليارات دولار (33 مليار درهم) من قبل أغنى 70 هندياً مقيماً في الإمارات.
منصات متبادلة
تشترك الإمارات والهند في عدد من المنصات المتبادلة مثل فرقة العمل الرفيعة المستوى من الاستثمار والحوار الاستراتيجي والمفوضية المشتركة والمنتدى الاقتصادي الإماراتي الهندي الذي يسمح للخبراء والمتخصصين من الجانبين بالاجتماع وإجراء مناقشات حول عدد من القضايا، بهدف نمو العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستويات جديدة.
قبل الميلاد
تتمتع الهند والإمارات بتاريخ ثري من العلاقات الاقتصادية والثقافية، حيث تشير المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى قبل الميلاد إلى وجود اتصال بين المنطقتين لقرون عدة. وكانت الإمارات حلقة وصل رئيسية في طريق التجارة القديم لوادي السند بين شبه القارة الهندية وبلاد ما بين النهرين، واشتملت معظم التجارة المبكرة على مقايضة الملابس والتوابل من الهند باللؤلؤ والتمور والخيول من الإمارات.
كما كانت الشارقة ورأس الخيمة ودبي المراكز التجارية الرئيسية، حيث كان ساحل مالابار على طول الساحل الغربي للهند مركزاً لطرق التجارة، فيما كان اللؤلؤ سلعة ذات قيمة خاصة مكّنت التجارة من الازدهار بشكل جيد في القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين.
وتعززت العلاقات بين الهند والإمارات العربية المتحدة منذ الخمسينات من القرن الماضي، مع زيادة توافر مرافق التخزين البارد، إضافة إلى اكتشاف النفط وازدهاره في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وكانت الفاكهة والخضراوات والمنتجات الغذائية الأخرى من السلع الأساسية المستوردة من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث مثلت الهند نحو 14% من الواردات في هذه الفئة خلال الفترة بين عامي 1981 و1986. وكانت المجوهرات والذهب أيضاً سلعاً مستوردة مهمة بالنسبة إلى الإمارات.