الإمارات واليابان.. شراكة ثقافية وقيم إنسانية

سعد عبد الراضي (أبوظبي)
تتميز العلاقات الثقافية بين الإمارات واليابان بأنها ذات خصوصية وتفاعل إيجابي دائمين، فمن نبع الثقافة الجمعية العامة في منظومة القيم الإنسانية الجامعة، مثل قيم التعارف والتعاون والاعتدال والتسامح والتعايش والسلام، شهدت هذه العلاقات في العقدين الماضيين تنظيم فعاليات وأنشطة ثقافية عديدة أُقيمت في الإمارات واليابان، وعبرت بقوة عن ثراء ثقافة كل من الدولتين، واشتملت على عروض فنية تراثية إماراتية تعبر عن الموروث المحلي، وعروض تقليدية يابانية، مثل تنسيق الزهور أو حفلات الشاي، أو تلك الخاصة بالثقافة الشعبية، مثل «الرسوم المتحركة» اليابانية أوالمانجا. كما شهدت العلاقات أيضاً تطوراً ملحوظاً على صعيد تعلّم اللغتين العربية واليابانية في العديد من المدارس والجامعات هنا وهناك، وواكبتها زيارات متبادلة لطلاب الدولتين من جميع الفئات التعليمية والعمرية.

محطات بارزة
ومن أبرز المحطات والفعاليات في السنوات الأخيرة، فقد جرى تنظيم «شهر الفنون اليابانية» الذي أقامه «أبوظبي هاب غاليري» في العاصمة أبوظبي في شهر ديسمبر 2013، وضم المعرض الفني أعمالاً أنجزها أربعة من أبرز الفنانين اليابانيين، وكشف هذا المعرض تنوعاً واسعاً في المدارس والأساليب الفنية السائدة لدى فناني بلاد الشمس المُشرقة. وفي 2016، نظم رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي أيضاً معرض «الشرق إلى الشرق» الذي كشف النقاب عن الأساليب الملهمة التي تتبعها بعض المواهب الشابة على الساحة الفنية الإماراتية من أجل تعزيز قنوات التواصل الثقافية مع الفنون اليابانية، وقدم المعرض أعمالاً مختارةً لأربعة فنانين إماراتيين متميزين. 
وفي 2017، شاركت طالبات مدرسة هيروشيما ناجيسا الثانوية في مدينة هيروشيما اليابانية طالبات مدرسة أم سقيم النموذجية للبنات في دبي يومهن الدراسي، إذ حرصن على حضور حصص للغة العربية والرياضيات والدراسات الاجتماعية. واطلعت طالبات هيروشيما على تاريخ دولة الإمارات ومسيرة نهضتها الشاملة. ودُشنت على هامش الزيارة مجموعة من ورش العمل، تنوعت بين فن الخط العربي والزخرفة والفنون، والأعمال اليدوية والفنون والأكلات الشعبية، التي تمثل جزءاً من التراث الشعبي في الإمارات. 
 كما افتتح متحف اللوفر أبوظبي معرض «من وحي اليابان: رواد الفن الحديث»، والذي قدم فرصة الاطلاع على أعمال 12 فناناً من بينهم فنانو حركة «نابي» وكبار معلمي حركة أوكييو - إه الفنية من القرنين التاسع عشر والعشرين.
 وفي 2018، جاءت اليابان ضيف شرف معرض الشارقة الدولي للكتاب، وذلك احتفاء بإنجازاتها الحضارية المتميزة التي شكل الكتاب فيها عاملاً ومحركاً رئيسياً في بناء الثقافة وتشكيل الأخلاق الاجتماعية، إذ تمتلك اليابان تاريخاً حافلاً بالمنجزات والأسماء الأدبية والثقافية الكبيرة على صعيد الرواية والسينما والموسيقى وغيرها، كما ينظم النادي الياباني في جامعة زايد سنوياً فعاليات «أيام في اليابان»؛ بهدف تعريف الطلبة على الثقافة اليابانية واستكشافها عن قرب.

تثاقف وتعايش 
وفي ديسمبر 2022، أوفدت وزارة التربية والتعليم، عشرين طالباً وطالبة، بالإضافة إلى أربعة مشرفين إلى اليابان في إطار الاحتفالات بمرور خمسين عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وجاء ذلك ضمن جهود وزارة التربية والتعليم في تعزيز التواصل الثقافي بين الإمارات ودول العالم، والمشاركة مع مؤسسات الدولة، لتحقيق الأهداف المنشودة في هذا الشأن، بالإضافة إلى تفعيل كل ما من شأنه أن يدعم القدرات ويحفز الطاقات الشغوفة إلى التحليق في الأفق العالمي، من أبنائنا وبناتنا في جميع مدارس الدولة. 
وجاءت المشاركة التي استغرقت ثمانية أيام، ضمن برنامج التبادل الطلابي الثقافي، الذي يستضيفه مجلس التعليم في مدينة طوكيو، تفعيلاً لأطر التعاون بين وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة ومجلس التعليم في حكومة طوكيو.
وضم الوفد 20 طالباً وطالبة، نصفهم من طلاب المدارس الحكومية والخاصة من كافة إمارات الدولة والنصف الآخر من ثانوية التكنولوجيا التطبيقية ATHS، بالإضافة إلى 4 مشرفين، وتم اختيار الطلاب وفق معايير تناسب أهداف البرنامج، من الصف التاسع إلى الصف الثاني عشر، حيث وفر البرنامج للطلاب تجربة فريدة لاكتساب مهارات حياتية عبر أنشطة مختلفة مع الطلبة اليابانيين وطلاب من دول أخرى، وحضور عدة محاضرات وزيارة عدد من المؤسسات، وكذلك المشاركة في فعاليات ثقافية، واكتساب معلومات عامة، وزيارة الأماكن السياحية، كما تعلق جزء من الأنشطة أيضاً بالتعرف إلى الثقافة اليابانية.
مهرجان اليابان
وفي إطار الاحتفال بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة واليابان، نظمت السفارة اليابانية في أبوظبي، في ديسمبر 2022، بمنارة السعديات «مهرجان اليابان»، وتضمن المهرجان مجموعة واسعة ومتنوعة من الفعاليات الثقافية التي تبرز ثقافة اليابان، وتمثلت في عرض الطبول اليابانية، وعروض أفلام الرسوم المتحركة اليابانية الشهيرة «ديمون سلاير - ذا موجين ترين»، و«بوبيل ذا تشيمني تاون»، فضلاً عن سلسلة الرسوم المتحركة الإماراتية الشهيرة «فريج» مدبلجة إلى اللغة اليابانية. 

أخبار ذات صلة

بدء التصويت المبكر في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي

الإمارات ترحب بقرار مجلس الأمن إرسال بعثة متعددة الجنسيات إلى هايتي

كما تضمنت فعاليات المهرجان أيضاً عروض رقص يابانية تقليدية، إضافة إلى الخط الياباني، وعرض تقديم الشاي الياباني التقليدي، وفن تنسيق الورد، وألعاباً يابانية معاصرة وتقليدية، وورشات عمل يدوية، وتذوقاً للطعام والحلويات اليابانية، وغيرها كثير. وكان الحدث الأبرز في الفعالية هو حفل الطبول اليابانية «الوادايكو»، الذي قدمته فرقة الطبول اليابانية «ساي» ومجموعة الطبول الإماراتية «خرشة». و«ساي» فرقة شابة محترفة وأحد أعضائها أمضى طفولته في الإمارات، وتخرج في المدرسة اليابانية بأبوظبي، وانتقل إلى اليابان، ثم أكمل رحلته الجامعية في جامعة زايد. وأثناء الدراسة، شكّل مع أصدقائه الإماراتيين مجموعة الطبول اليابانية المحلية «خرشة»، التي قدمت عروضها في فعاليات محلية ودولية، بما في ذلك معرض «إكسبو 2020 دبي». وتضمن المهرجان كذلك عرضاً للتعريف بكيفية تحضير الشاي الياباني وتقديمه بالطريقة التقليدية، تحت شعار «الهدوء من خلال وعاء شاي»، قدمته مجموعة مدرسة أوراسينكي - أبوظبي، كما اشتمل كذلك على فن تنسيق الزهور على الطريقة اليابانية «الإيكابانا»، وهي فن تنسيق الزهور التقليدي في اليابان الذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس، وقدمته مدرسة «أوهارا» لفن تنسيق الزهور.
ورش تشاركية 
اشتمل «مهرجان اليابان» على مجموعة من الألعاب التشاركية والورش التعليمية التفاعلية، ومن بين الألعاب لعبة اصطياد بالونات الماء «اليو - يو»، التي تُعد أحد عوامل الجذب الشهيرة في المهرجانات اليابانية، حيث شارك الزوار في صيد بالون «اليو-يو»، والاحتفاظ به كتذكار. أما الورش، فكانت من بينها ورشة صناعة مروحة اليد اليابانية. ومن الورش الأخرى، كذلك ورشة صناعة سلاسل المفاتيح على الطريقة اليابانية، حيث قام المشاركون بصنع سلسلة مفاتيح على الطراز الياباني، بتوجيه من المدرب والمتطوعين اليابانيين. ومن ضمن الورش كذلك التي لقيت استحسان الحضور، ورشة عمل فن طي الأوراق «الأوريغامي»، حيث استمتع الزوار بتعلم فن طي الأوراق مع أعضاء ذوي خبرة في جمعية نيبون كيكن الإماراتية «إينكا»، وكذلك ورشة عمل عيدان تناول الطعام مع طلاب مدرسة طوكيو متروبوليتان الثانوية، حيث تعلم المشاركون في الورشة كيفية عمل وتلوين عيدان تناول الطعام بمساعدة طلاب المدرسة ذاتها. 

الخط الياباني
شارك الفنان الإماراتي عبدالله لطفي في عرض الأعمال الفنية التي تربط بين الثقافتين الإماراتية واليابانية، وقد استوحى لطفي أفكاره الفنية من المانجا، كما قدم شيرو أوکوبو، محاضرة حول الطعام الياباني التقليدي الذي يتم تقديمه بداية كل عام جديد. وشارك الخطاط الياباني الشهير جويشي يوشيكاوا بعرض خاص للخط الياباني على الأوراق الكبيرة، وأدت أكاياجي كيتشيميتسوماسا أستاذة فن الرقص الياباني التقليدي، رقصات على أنغام بعض المقطوعات الموسيقية اليابانية.