أبوظبي (الاتحاد)
أكدت ندوة «الذكاء الاصطناعي الأخلاقي من أجل حوكمة دفاعية مسؤولة»، التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة والتعاون الوثيق مع اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري (GC REAIM)، على الأهمية المتزايدة لتطوير أطر أخلاقية وتنظيمية قوية ومتينة لمواكبة التطورات المتسارعة وغير المسبوقة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في القطاعات الحسّاسة والاستراتيجية مثل الدفاع.
واستضاف مركز «تريندز» الحدث المهم على مدى ثلاثة أيام بمقره الرئيس في أبوظبي، بدعم من مكاتبه الخارجية المنتشرة حول العالم، وذلك ضمن فعاليات الاجتماع الرابع للجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، حيث سيتم رفع مخرجات الاجتماع إلى الأمم المتحدة كخطة استراتيجية عالمية.
شارك في الندوة نخبة متميزة من الخبراء والمتخصصين رفيعي المستوى من مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك القطاعات الحكومية والدفاعية والأكاديمية المرموقة والشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا، حيث اجتمعوا لتبادل الرؤى والأفكار واستكشاف الدور المتنامي لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي، مع التركيز بشكل خاص على الجوانب الأخلاقية الدقيقة وأطر الحوكمة الفعالة والتطبيقات العملية في القطاعات الحيوية والاستراتيجية، التي تخدم الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
كلمة افتتاحية
افتُتحت أعمال الندوة بكلمات افتتاحية قيّمة ومستنيرة ألقتها شخصيات بارزة وقيادية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوكمة، وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الافتتاحية، أهمية الشراكة بين المركز واللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري (GC REAIM) في تعزيز الوعي والتفاهم حول حوكمة الذكاء الاصطناعي العسكري.
وأشار إلى أن هذا التعاون يهدف إلى دعم وضع معايير أساسية تنظم التطورات المتسارعة في هذا المجال وتوجّهها لخدمة الأمن والسلام العالميين.
كما استعرض مشاركة المركز في فعاليات أخرى ذات صلة، وأكد على التزام «تريندز» بدعم جهود حوكمة الذكاء الاصطناعي.
وتلت كلمة الدكتور العلي كلمات ترحيبية للدكتور تيم سويجس، مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية وأمين سر اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي، المسؤول في المجال العسكري، وكلمة رئيسية لجيمس أنتوني موريس، رئيس أكاديمية ربدان، حيث تم التأكيد على أهمية الموضوع وضرورة تضافر الجهود الدولية.
رؤى خليجية
عقب ذلك، بدأت الجلسة الأولى وأدارها ستيفن سكاليت، المستشار العلمي في قطاع «تريندز» غلوبال، وشارك فيها كل من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة ابتسام المزروعي، الرئيسة التنفيذية والمؤسِّسة لشركة AIE3، وأحمد الخوري، نائب الرئيس الأول للاستراتيجية والتميّز في مجموعة EDGE، وشمسة القبيسي، الباحثة في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، وعبدالله الكعبي، المدير التنفيذي الأول لاستشارات التكنولوجيا في PwC الشرق الأوسط.
واستعرض المتحدثون رؤى دول الخليج وجهودها، في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، بشكل مسؤول في المجال العسكري.
استخلاص العبر
أما الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور تيم سويجس، مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية، والمستشار العلمي للجنة العالمية للذكاء الاصطناعي، المسؤول في المجال العسكري، وشارك فيها كل من نور المزروعي، باحث أول ورئيس برنامج الذكاء الاصطناعي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، والدكتور بتروس فيولاكيس، الأستاذ المساعد في أكاديمية ربدان، والدكتورة دينيس غارسيا، الأستاذة المتفرغة بجامعة نورث إيسترن، وعضوة اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة ياسمين أفينا، الباحثة في برنامج الأمن والتكنولوجيا بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح (UNIDIR) وخبيرة في اللجنة العالمية، والدكتور لي تشيانغ، الأستاذ المشارك في القانون ومدير معهد القانون العسكري بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون وخبير في اللجنة العالمية.
وقد ناقش المشاركون الدروس المستفادة من مبادرات حوكمة التسلح السابقة وتطبيقها على مجال الذكاء الاصطناعي العسكري.
المشهد العالمي
في الجلسة الثالثة، التي أدارتها صوفيا رومانسكي، المحلّلة الاستراتيجية في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية ومنسقة مشاريع اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، وشارك فيها كل من الدكتور مايكل هورويتز، مدير بيري وورلد هاوس وأستاذ ريتشارد بيري بجامعة بنسلفانيا وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والدكتورة إنغفيلد بودي، الأستاذة المشاركة في مركز دراسات الحرب بجامعة جنوب الدنمارك وخبيرة في اللجنة العالمية، والدكتور جياكومو بيرسي باولي، رئيس برنامج الأمن والتكنولوجيا بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح (UNIDIR) وخبير في اللجنة العالمية، والسيد ناصر الراشدي، الرئيس التنفيذي لشركة 5iR Technology Consultancy، استعرض المشاركون الوضع الحالي للمناقشات الدولية المتعلقة بحوكمة الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
آليات عملية
الجلسة الختامية التي أدارها عيسى المناعي، الباحث في «تريندز» وشارك فيها كل من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي وعضو اللجنة العالمية للذكاء الاصطناعي المسؤول في المجال العسكري، والفريق خوسيه ماريا ميان مارتينيز من وزارة الدفاع الإسبانية، والدكتور نيلس آرني نورلاندر، المقدم (متقاعد) والأستاذ المساعد في الدفاع والأمن بأكاديمية ربدان، وجيسيكا دورسي، الأستاذة المساعدة في القانون الدولي والأوروبي بجامعة أوتريخت وخبيرة في اللجنة العالمية. وقد ناقش المشاركون الآليات العملية لتطبيق مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي على امتداد دورة حياته في التطبيقات العسكرية.
حوكمة قوية وفعالة
تم التأكيد بشكل خاص خلال الندوة على الحاجة الملحة لتطوير أُطر حوكمة قوية وفعّالة، لتوجيه عملية نشر واستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الدفاعي. كما نوقشت بعمق المخاطر الرئيسة المحتملة، مثل تطوير الذكاء الاصطناعي المستقل بشكل كامل في تطبيقات الدفاع والرعاية الصحية، وتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل واحتمالية فقدان الوظائف، وقضية المساءلة الخوارزمية المُعقدة.
بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد بشكل متكرّر على الحاجة إلى وضع معايير عالمية متفق عليها، وضمان الرقابة البشرية الفعالة على أنظمة الذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات اللازمة بين صانعي السياسات والجهات التنظيمية لمواكبة التطورات السريعة في هذا المجال.
وخلُصت الندوة المهمة إلى مجموعة من العناصر الرئيسة للعمل المستقبلي، شملت ضرورة التعاون الوثيق مع مبادرة AI71 لتطوير مهارات جميع المعنيين في صناعة الدفاع في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع التطوير المشترك لحلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة مع المستخدمين النهائيين لضمان التطبيقات العملية والأخلاقية لهذه التقنية، والاستثمار بشكل مكثّف في أبحاث وأطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، مع التركيز بشكل خاص على مبادئ الشفافية والعدالة والتوافق الدولي، ومعالجة التحديات المعقدة المتعلقة بقابلية تفسير أنظمة الذكاء الاصطناعي واتخاذ القرارات المستقلة، وتعزيز التعاون التنظيمي العالمي الفعّال.