الخميس 28 سبتمبر 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد الحيرش: بحثتُ المشاغل الكبرى للفكر اللساني الحديث

محمد الحيرش: بحثتُ المشاغل الكبرى للفكر اللساني الحديث
6 يوليو 2023 00:57

محمد نجيم (الرباط)

يقول الباحث والأكاديمي التونسي محمد الحيرش في حديثه لـ (الاتحاد): دور جائزة الشيخ زايد للكتاب لا ينحصر في تشجيع الكتاب والمفكرين على العطاء والإبداع، وتحفيزهم على الارتقاء، بل توسعت أدوارُها وأهدافها لتسهم أيضاً في خلق دينامية ثقافية واسعة ينخرط فيها عدد مهم من النخب الفكرية والإبداعية في وطننا العربي.
وهي دينامية أضحت تنعكس آثارها الإيجابية بوضوح على أبرز الواجهات المتصلة بتنمية ثقافة تداول الكتاب، وبتوسيع مجالات الإفادة من قيمه الإشعاعية ومثله التنويرية، بل إن ما يواكب الجائزة من متابعات إعلامية ومن ندوات وقراءات في الكتب، بدءاً من القوائم الطويلة وحتى الإعلان عن الكتب المتوَّجة، يمثل مناسبة نموذجية للتبادل الثقافي الفاعل والتواصل الحضاري المنتج.
ويضيف: لقد سعدتُ بوصول كتابي الأخير عن «النسق والاستعمال» إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السابعة عشرة لعام 2023/2022 في فرعي «الفنون والدراسات النقدية»، وكانت هذه هي المرة الثانية التي يحظى فيها عمل آخر من أعمالي بالتقدير من جائزة ذات منزلة رفيعة في فضائنا الفكري والثقافي العربي. وهي مناسبة لأنوه بالمجهود الكبير الذي يبذله القيمون على الجائزة من أجل تعميق أواصر التواصل بين النخب الفكرية والإبداعية في وطننا العربي، والاحتفاء بعطاءاتها وإبداعاتها.
بحث في المشاغل الكبرى
عن كتابه «النسق والاستعمال» يقول الدكتور محمد الحيرش: هو بحث في المشاغل الكبرى التي تهيمن على الفكر اللساني الحديث في ضوء المكانة الريادية التي بات يحتلها هذا الفكر منذ مطلع القرن الماضي داخل كلٍّ من العلوم الإنسانية والنصية. ولما كانت هذه المشاغل على درجة عالية من التشعب والتنوع، فقد تطلب منا هذا الوضع اعتماد قراءة إيبستيمولوجية كفيلةٍ بتشخيص ذلكم التشعب وتمثيله، وقادرة على التفكير في مسوغاته الفلسفية واستلزاماته المعرفية. وقد أتاحت لنا هذه القراءة التعمق في طبيعة تقسيم العمل العلمي في الفكر اللساني الحديث، وربط ذلك بامتداداته العميقة والمؤثرة. وهو التقسيم الذي ينتظمه في نظرنا توجهان تصوريان واسعان: أحدهما نسقي تندرج تحته مختلف الأنظار اللسانية التي تتعامل مع اللغات الطبيعية أو مع النصوص أو مع سائر الوقائع الإنسانية الدالة، بما هي أنساق مكتفية بذواتها، ومنعزلة عن كل الملابسات والاعتبارات السياقية التي تحيط بها. والثاني سياقي يدرس اللغات على نحو ما تتحقق في حيز الاستعمال والتواصل، أي على نحو ما تكون أحداثاً تواصلية جاريةً في العالم الخارجي وملتبسةً بصيرورته. في الإبدال الأول تتحدد اللغة بما هي وجود خالص ومستقل عن كل ما يتعين خارجه من أبعاد، أما في الإبدال الثاني فتكون اللغة عبارة عن خبرة حية بالعالم (experience ofthe world) تشترك في خوضها ذوات لغوية متحيزة في الزمان والمكان، ومشدودة بعضها إلى بعض بعلاقات متبادلة من التفاعل والتواصل.
رحابةُ اللسانيات الحديثة 
يضيف الدكتور محمد الحيرش: الكتاب يدافع عن الأصول التعددية للسانيات الحديثة، حيث يتوقف عند أهم الإبدالات المعرفية (paradigms) التي تتجاور داخلها لا على نحو من التآلف والتقارب، وإنما على نحو من التنافس والتباعد. وبهذا تمثل استحالة المقايسة بالمعنى الذي تتحدد به في الإيبستمولوجيا المعاصرة سِمةً معرفية مُخصِّصة لعلاقة الإبدالات اللسانية بعضها ببعض، فمن هذه السمة تتكشَّف رحابةُ اللسانيات الحديثة، وبها يُسوَّغ تعددُ برامجها واختلافُ تصوراتها. ذلك أن كل مقارنة تتوخى إيجاد صيغة من الترادف المعرفي بين المفردات المفهومية لإبدالين لسانيين متنافسين كالإبدال التاريخي والإبدال البنيوي، أو كالإبدال الوصفي والإبدال التفسيري، أو غيرها من الإبدالات ستبوء بالفشل، لتعذُّرِ إمكان الاهتداء إلى صيغة من ذلك القبيل واستحالتها.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©