سعيد ياسين (القاهرة)
«الرواية هي فعل خيال، ومفرداته تأتي من معرفة الكاتب ووعيه بالعالم، وخيالنا يولد في الأصل من المعرفة، التي تساعد الخيال في رؤيتها بشكل آخر، أو في متتالية مختلفة، أو تطوير تلك المعرفة، ومد الخط بها لمستوى لا يماثل الواقع الذي نشأت منه».. بهذا تلخص الأديبة والروائية المصرية ضحى عاصي تجربتها الابداعية التي أثمرت روايات وقصص «104 القاهرة» و«غيوم فرنسية» و«صباح 19 أغسطس» و«سعادة السوبرماركت» و«فنجان قهوة»، إضافة إلى كتب وروايات ودراسات وعشرات المقالات البحثية.
وعن مصطلح «الأدب النسوي»، أوضحت الكاتبة ضحى عاصي أنه ارتبط في الذهن بالتهميش، وأن هذا الأمر ليس في مصر وحدها، وضربت مثلاً بروسيا التي يطلق على كتابات بعض الرجال البسيطة فيها صفة «أدب نسوي»! وقد تختلف كتابات النساء عن الرجال ليس في الموضوع أو الفكرة أو القيمة، ولكن في التقنية، أي أنه يمكن أن تكتب المرأة تفاصيل وتستخدم مفردات أكثر وتذهب لعوالم معينة، ولكن هذا لا يعني أن إبداعها أقل قيمة، ولكن المصطلح أصبحت له سمعة سلبية لدى بعضهم.
الفن الشعبي
وحين بدأت ضحى كتابة رواية «104 القاهرة» كان أمامها تحدٍّ صعب لدراسة الفن الشعبي، وقالت إنها كانت من أبدع وأمتع الأشياء التي أنجزتها في حياتها، ولو قدر لها التدريس في الجامعة لقامت بتدريس الفن الشعبي لوجود تقصير كبير تجاهه، واختزاله في بعض الأعمال البسيطة المشهورة.
وفي روايتها «غيوم فرنسية» عرضت عاصي للحملة الفرنسية على مصر، وقالت إن الجميع تحدث عن الحملة وتخيل أننا منفصلون عن العالم الذي كانت تحدث فيه آنذاك ثورة تنويرية كبيرة، ومن أكثر ما أسعدها في الرواية ما كتبه ناقد عنها من أنها رصدت ما كانت تزخر به الحملة من أفكار.
طرق جديدة
وعن تأثير موقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) على الأدب، قالت إن للمعرفة طرقاً مختلفة، وإن جيلها عاصر ثورة لم تكن متوقعة تتمثل في التقنيات، وتراجع حضور الطرق التقليدية التي تعودوا عليها، ومن الطبيعي مواكبة الطرق الجديدة، ولكنها تحب الكتاب وتحتاج اليه، وربما يكون الكتاب الورقي مفضلاً لأشخاص آخرين، مؤكدة أن «الميديا» لم تؤثر سلباً على الأدب، ولكنها طريق مختلف، ومن الطبيعي أن يتغير المشهد ويتواكب وسيكونان كلاهما في النهاية متاحين.
ولأنها أكملت دراستها في روسيا، قالت عاصي إنها ارتبطت كثيراً بالأدب الروسي وعشقت أعمال ديستوفسكي، وليس الأدب الروسي وحده الذي أثر في تجربتها، ولكن الثقافة أيضاً، حيث تعاملت مع الناس وحضرت عروض البولشوي وغيرها من الفنون، فالتعرف على ثقافة أخرى يشكل رؤية مختلفة.