السبت 30 سبتمبر 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بيير مينارد.. بريشته ينطق فن البورتريه!

بيير مينارد.. بريشته ينطق فن البورتريه!
20 يوليو 2023 02:02

هويدا الحسن (العين)

تكتظ المتاحف العالمية بالعديد من الأعمال الفنية البديعة والخالدة، والتي تحمل توقيع أشهر الفنانين العالميين، وعادة ما يهتم النقاد بدراسة تلك الأعمال وتحليل عناصرها الفنية وتصنيفها وفقاً للمدارس الفنية المختلفة. وعرفت فرنسا خلال عصر الباروك أحد أبرز رسامي البورتريه في عصره، الرسام الفرنسي بيير مينارد (1612-1695)، وتكاد شخصيات لوحاته تنطق من شدة واقعيتها وحرفيته ودقة رسوماته وعبقريته، ولد مينارد في مدينة تروا في فرنسا ومنها انتقل إلى باريس ليدرس فن الرسم لينتقل بعد ذلك إلى روما ليستقر بها لأكثر من 22 عاماً قبل أن يحضره وزير البلاط الفرنسي الكاردينال مازرين إلى باريس مرة أخرى، ليصبح أحد أشهر الفنانين المقربين من القصر ويحظى بشرف رسم أفراد العائلة المالكة الفرنسية وعلى رأسهم لويس الرابع عشر وماري مانشيني قبل أن تفرقها دروب الحياة عن الملك.ولدت ماري مانشيني عام 1639 لإحدى العائلات الأرستقراطية العريقة من أم وأب إيطاليين، وكانت الأم هرونيما مازارين شقيقة الكاردينال مازارين وزير البلاط الفرنسي في عهد الملك لويس الثالث عشر، وخلفه لويس الرابع عشر، وأبوها النبيل الإيطالي لوران مانشيني، وقد أنجبت هذه الأسرة خمس فتيات عرفن جميعهن بالجمال والذكاء والثقافة الواسعة، وقد ولدن جميعاً في إيطاليا قبل أن ينفصل والداهما ويذهب بهن خالهن مازارين إلى فرنسا لينخرطن في المجتمع الباريسي الراقي بين العائلات العريقة.
في كتابه «ملهمات المشاهير» للفنان جمال قطب، والصادر عن مكتبة مصر، يشير إلى أن ماري حين انتقلت إلى باريس كانت في الرابعة عشرة من عمرها ولم تكن تتقن غير الإيطالية، فالتحقت بمدارس اللغات لعدة سنوات، وأكملت بعدها دراساتها المختلفة في الأدب والتاريخ والفن والموسيقى، وفي تلك الأثناء التقت لويس الرابع عشر الذي كان في مثل سنها تقريباً، وتقاربا حتى أصبحا لا يفترقان، حتى أنه كان يصحبها معه في كل رحلاته الخارجية، وكادت تتوج زوجة للملك لولا تدخل خالها وزير البلاط، ليثني الملك لويس الرابع عشر عن تلك الزيجة التي رأى أنها لن تكون في مصلحة العرش، ليأمر بعد ذلك بنفي ابنة شقيقته ماري إلى بلدة نائية تدعى برواج لتقيم هناك، ويتزوج لويس من أميرة البلاط الإسباني ماري تريز.
وبعد ذلك، تزوجت ماري من أمير كولونا ورزقت منه بثلاثة أبناء، وبحكم مكانتها الاجتماعية وثقافتها الواسعة اشتهرت في الأوساط الثقافية، حيث أقامت صالوناً ثقافياً يضم نخبة من فناني ومثقفي نابولي، وكتب عنها المؤرخ الإيطالي بوزانتي: «إن أميرة كولونا أصبحت ملهمة فنانينا العظام، ولا غرو فبنات مانشيني أجمل نساء هذا العصر، وماري هي الأجمل بينهن، بل أجمل فتاة جمعت بين الجاذبية والرشاقة والثقافة».
ولكن حياة ماري تبدلت عندما وقع الخلاف بينها وبين زوجها، فذهبت من بلدة إلى أخرى وعرفت الفقر والانطواء، حتى أنه استطاع ملاحقتها في النمسا ولم تحصل على حريتها سوى بعد عدة أشهر حين مات زوجها، لتعود إلى حضن أبنائها وتعيش بينهم حتى تلقيها دعوة من ملك وملكة إسبانيا للإقامة بينهم ورعايتها وظلت هناك لسنوات، قبل أن تشتاق إلى أبنائها لتعود إليهم في إيطاليا وتموت وسطهم في مدينة بيزا عام 1715 وهي في السادسة والسبعين من عمرها.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©