دينا محمود (لندن)
قبل ثلاث سنوات أو ما يزيد على ذلك قليلاً، كان راتب المجند في الجيش اللبناني، يُقدر بما يعادل نحو 1300 دولار أميركي. أما الآن، فلم يعد هذا الراتب، يتجاوز ما يوازي 75 دولاراً لا أكثر، وذلك بفعل التراجع الحاد، الذي شهدته قيمة العملة المحلية في البلاد، بما فاقت نسبته 95 في المئة، اعتباراً من أواخر 2019.
ورغم حصول المؤسسة العسكرية اللبنانية على مساعدات مالية إقليمية ودولية، لتمكينها من دفع رواتب المنتسبين إليها وتأمين احتياجاتها الأساسية من سلاح وعتاد وخدمات صيانة وغذاء ودواء، فإن ذلك لم يمنع قائد الجيش العماد جوزيف عون، من أن يؤكد الشهر الماضي، أن الأزمة التي يعانيها جنوده الآن، هي الأسوأ من نوعها على الإطلاق، قائلاً إن تبعاتها ربما تشكل التحدي الأكثر خطورة، الذي يواجه قواته.
وقد جاءت تصريحات عون، في معرض الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية مؤقتة لقوات الجيش وقوى الأمن الداخلي اللبناني، بقيمة تشارف 72 مليون دولار، لمدة ستة أشهر، وهو الدعم الذي يُقدم بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ويشكل ذلك دليلاً إضافياً، على أن الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يجتاح لبنان في الفترة الحالية، بات الآن يهدد المؤسسة العسكرية، التي يعول عليها كثيرون، لكي تشكل حائط صد، حال اندلاع اضطرابات واسعة النطاق، على الساحة الداخلية.
فلم يعد العسكريون اللبنانيون بمنأى عن أزمة العملة، التي خرجت خلال الأشهر القليلة الماضية، عن نطاق السيطرة، بعدما هوى سعر الليرة إلى مستوى متدنٍ قياسي، بلغ حد شراء الدولار الواحد بقرابة 81 ألف ليرة، وذلك بانخفاض نسبته قرابة مئة في المئة، عن المستوى الذي كان قد سُجِلَ مطلع العام الجاري، حينما كان كل 42 ألفاً و500 ليرة، تعادل دولاراً واحداً.
وأدى هذا الوضع المتردي، إلى لجوء بعض عناصر الجيش وقوات الأمن اللبنانية، إلى العمل في وظائف أخرى، بجانب انخراطهم في السلكيْن الأمني والعسكري، وذلك لكي يتسنى لهم كسب قوت يومهم.
ونقل موقع «أل مونيتور» الإخباري الأميركي عن محللين قولهم، إن هذا التوجه مثير للقلق، مشيرين إلى أن الرواتب التي تُمنح للعسكريين، لم تعد كافية بأي حال من الأحوال.
ويشير المحللون إلى أن الدور الأكثر أهمية على هذا المضمار، يتمثل في الحفاظ على الاستقرار الداخلي، والحيلولة دون وصول الدولة اللبنانية إلى مرحلة الانهيار الكامل، باعتبار الجيش اللبناني الحصن الأخير القادر على ضمان الوحدة الوطنية، بوصفه بعيداً عن التجاذبات السياسية والطائفية.
وبرأي المحللين، تتزايد خطورة التأثيرات التي يُخلّفها الانهيار المالي الحالي على الجيش وعناصره، في ظل تصاعد التوتر في الشارع اللبناني بفعل الأزمة الاقتصادية، وهو ما يستدعي في بعض الأحيان الاستعانة بالعسكريين لدعم عناصر قوات الأمن، في جهودها للسيطرة على الأوضاع.