تُعَدّ دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أهم الدول التي يُفضّل الشباب والشابات القادمون من شتى بقاع الأرض، العمل والإقامة فيها، وذلك لكونها تمتلك سوقَ عمل آمنةً ومستقرة وذات أداء متميز، حيث يحصل أصحابُ المواهب والمبدعون والعمال المهَرة -الطامحون إلى تحسين مستويات معيشتهم وتحقيق طموحاتهم المالية والإنسانية- على فُرص فُضلى ومداخيل عُليا فيها، تضمن لهم حياة كريمة يستطيعون من خلالها تأمين احتياجاتهم وحتى رفاهيتهم في المجالات كافة.
وعلى هذا الصعيد، أفاد تقرير صادر عن مؤسسة «فيتش سوليوشنز» البريطانية بأن دولة الإمارات احتفظت بصدارتها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أداء سوق العمل، وتمكّنت من البقاء بيئةً جاذبة للعمالة الماهرة القادمة من شتى دول العالم، مشيراً إلى أن الدولة كانت الأقلّ عرضة للمخاطر المتعلّقة بسوق العمل في المنطقة، نتيجة امتلاكها مميزاتٍ جعلتها من أكثر أسواق العمل الإقليمية جاذبية وأداءً وتفوقاً، كارتفاع الرواتب الذي أتاح للعمالة فرص التمتّع بمستوى معيشي مرتفع، والعيش في بيئة عصرية متقدّمة، وانخراطهم بمجتمع متعدّد الجنسيات والثقافات، وتوافر بيئات عمل قادرة على إكسابهم العديد من الخبرات المهنية والفنية.
ويلحظ المتتبّع لأحوال وظروف سوق العمل في دولة الإمارات، تميّزها بالاستقرار والديمومة أكثر من غيرها من دول المنطقة، حتى في ظلّ جائحة «كوفيد–19»، التي ألقت بتداعياتها الاقتصادية السلبية على الأفراد والشركات، وزادت من معدلات البطالة على المستويين الإقليمي والدولي، فبرغم هذه التداعيات، يؤكد مختصون أن سوق العمل في دولة الإمارات، منذ يونيو الماضي، بدأت تتعافى، وشهدت انتعاشاً ملموساً، تمثّل في طرح جهات عمل شواغرَ وظيفية عبر منصاتها الإلكترونية، وعرضت وزارة الموارد البشرية والتوطين عشرات المهن ضمن 20 قطاعَ عمل لغير المواطنين، إضافةً إلى توافر أكثر من 17 ألف فرصة عمل للمواطنين ضمن استراتيجيتها الوطنية، بحسب مكتب الأمن الغذائي.
لقد تمكّنت دولة الإمارات من تجاوز آثار الجائحة في سوق العمل بوقت قياسي، نظراً إلى توافر مجموعة من العوامل التي أسهمت في هذا التعافي، كتسارع عجلة المشروعات، ووجود مشروعات ريادية واستباقية لمواجهة الأزمات، والاستعانة بأعداد كبيرة من الوظائف بعقود مؤقتة بهدف الإسراع في إنجاز تلك المشروعات، والاعتماد على المنصات الرقمية التي أوجدت عشرات الوظائف، وغير ذلك من العوامل التي أثّرت في تغيّر منهجية وآلية العمل الذي أصبح أكثر مرونةً واعتماداً على التكنولوجيا، الأمر الذي مكّن سوق العمل المحلية من تحقيق انتعاش ملحوظ، مدعومةً بوجود سياسات وأنظمة واجهت بها الأزمة، أهمها نظام العمل عن بُعد، والاعتماد على المنصات الرقمية الذي مكّن الموظفين من مواصلة أعمالهم، ووفر مئات الوظائف الجديدة الأخرى، تنوّعت بين فرص عمل دائمة وأخرى بعقود مؤقتة، وخاصة في قطاعات الأعمال الرقمية.
إن أكثر ما يُحسَب لدولة الإمارات في ظل مواجهتها لتحديات جائحة «كوفيد–19» الاقتصادية، أنها تمكّنت بفضل نمو القطاعات الرقمية والمعرفية، من إبقاء سوق العمل صلبة وصامدة بوجه التحديات، وخاصة أنها تمتلك تقنيات تكنولوجية وأنظمة تقنية وبرمجيات حديثة، أسهمت في نمو قطاع التجارة الإلكترونية والتسوّق الذكي، ففي مقابل استغناء بعض الشركات عن بعض الوظائف، أبدت شركات أخرى حاجتها إلى وظائف جديدة، وهو ما ينسجم مع أولوية الدولة الرئيسية القائمة على الاستثمار في الطاقة البشرية والتعليم والتكنولوجيا الحديثة والشبكات الرقمية، والتجهيزات القادرة على التعامل مع مفاهيم العمل الجديدة وطبيعة الوظائف المستحدَثة، الأمر الذي يرسّخ استقرار سوق العمل، ويحقق التوازن بين الأيدي العاملة المواطِنة والوافدة، ويزيد أعداد العاملين المدرَّبين وذوي المهارات المهنية والفنية المطلوبة في الأنشطة والمجالات كافة.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية