وصل ماكس فوكس إلى بلدة برزيميسل البولندية الحدودية حاملا حقائب مليئة بالهدايا للاجئين وحيواناتهم الأليفة، تضم ألواحاً من الشوكولاتة ولُعباً للأطفال وأطعمة للكلاب، مع آمال كبيرة في العثور على أوكراني يرغب في الذهاب إلى بريطانيا للعيش معه. ويعد فوكس، المغني البريطاني البالغ من العمر 32 عاماً، والذي كان يردد أغاني ديزني أثناء توزيعه قطع الشوكولاتة ويضع الابتسامات على الوجوه، واحداً من بين 150 ألف بريطاني سجلوا كمضيفين محتملين من خلال برنامج منازل لصالح اللاجئين الأوكرانيين. لكن خطة الاستضافة البريطانية التي تحمل عنوان «افعل ذلك بنفسك» تتطلب من المضيفين تسمية شخص أوكراني عند تقديم الأوراق.

ولأن العديد من البريطانيين لا يعرفون شخصاً أوكرانياً، فإنهم يلجؤون لوسائل التواصل الاجتماعي ويتواصلون مع المؤسسات الخيرية والكنائس والمجموعات المجتمعية وأصدقاء الأصدقاء.. وفي حالات مثل حالة فوكس يذهبون بأنفسهم. يقول فوكس، الذي يمتلك شقةً بها غرفتي نوم في «بولتون لو فيلدي» بشمال انجلترا: «لم يكن من الممكن بالنسبة لي الجلوس ومراقبة الحرب وهي تتكشف دون أن أفعل شيئاً». ومن ثم، فقد سافر إلى بولندا للتعرف على لاجئ أوكراني كي يوفّر له الرعاية.

وأكد فوكس قائلا: «الأمر لا يشبه إجراء مقابلة للعثور على أفضل مرشح. نحن منفتحون للغاية وسنرحب بأي شخص»، لكنه أراد أن يرى ما إذا كان لديهم «رابطة أو سيكونون قادرين على إنشاء رابطة». كان يريد التأكد من أنهم مرتاحون لحقيقة أنه متزوج، ولديه كلب كوكابو أليف يدعى كانيلا. وقد تعرَّضت الحكومة البريطانية لانتقادات واسعة النطاق لأنها لم تفعل ما يكفي للمساعدة في الهجرة الجماعية المتزايدة للاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. على عكس الدول الأوروبية الأخرى، لا تلغي بريطانيا التأشيرات للاجئين. وتم منح 10200 تأشيرة فقط، وفقاً لآخر البيانات.

ومن المرجح أن يرتفع هذا الرقم بشكل حاد بمجرد وصول اللاجئين الأوائل، ربما هذا الأسبوع، بموجب مسار التأشيرة الجديد الذي ستدفع الحكومة بموجبه للناس حوالي 450 دولاراً شهرياً لاستضافة لاجئ لمدة ستة أشهر على الأقل. وقالت ليزا ناندي، المشرّعة عن «حزب العمال» المعارض، إن الاضطرار لتسمية لاجئ في استمارات طلب التأشيرة كان عقبة غير ضرورية، وسألت عما إذا كان الوزراء يتوقعون من اللاجئين «الإعلان عن أنفسهم على تطبيق انستجرام». وقد لجأ البعض إلى ذلك بالضبط.

وبين عشية وضحاها، انتشرت على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات الأوكرانيين عن أنفسهم وهم ينشرون صورهم، الملتقطة غالباً في الأوقات السعيدة، في المقاهي أو في الإجازات العائلية أو في حفلات أعياد ميلاد أطفالهم. معظم هؤلاء من النساء والأطفال. بعض المنشورات تكون مزعجة، حيث تصف مشاهد مروعة من داخل أوكرانيا، جنباً إلى جنب مع كلمات متفائلة حول شكل أسرهم. ويرد البريطانيون مع إرسال صور لمنازلهم وتفاصيل حول المدارس المحلية وروابط النقل وأوصاف منطقتهم.

وكتب أحد المضيفين المحتملين في بريطانيا على فيسبوك: «قريتنا جميلة، وبها نهر يمر عبر التلال. ونحن لسنا بعيدين عن قلعة ألنويك حيث تم تصوير سلسلة أفلام هاري بوتر». وردت أم أوكرانية لديها ثلاثة أطفال صغار بأنها فرت من قريتها بعد أن كانت تسمع «أصواتاً مرعبة كل يوم وكل ليلة».

وأضافت أن أطفالها يتحدثون الإنجليزية بشكل جيد وأن ابنها كان يلعب كرة القدم وبناتها يمارسن الجمباز. ومن ناحية أخرى، قال المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كريس ميلتسر، إن الغالبية العظمى من اللاجئين الذين يتدفقون على بولندا لا يريدون الذهاب إلى هذا الحد بعيداً عن أوكرانيا.

ومعظم اللاجئين ينتمون إلى مجموعات عائلية ولا يسافرون كأفراد. وقالت مارينا سافيكا، وهي عالمة أوكرانية، إنها ستكون مهتمةً بالذهاب إلى بريطانيا بعد أن درست هناك. لكنها بحاجة إلى العثور على شخص يكفل والدتها (60 عاماً) وجدها (86 عاماً).

فقد غادروا معاً مدينة تشيرنيهيف المحاصَرة على متن شاحنة متجهَين عبر الحقول وسط تقارير عن إطلاق النار على مركبات مدنية على الطرق الرئيسية. وأضافت في مقابلة عبر الهاتف أنه ليس لديها اتصال موثوق بالإنترنت، ولم يكن لديها الوقت لتصفح منشورات الإنترنت أو الإعلان عن نفسها. أما إيجور لانوفينكو، البالغ من العمر 30 عاماً، والذي يعيش في لندن، وهو في الأصل من أوديسا بأوكرانيا، فهو من بين أولئك الذين يحاولون ربط الناس. بعد التواصل مع العديد من الأشخاص طوال الليل، أنشأ هو وفريق من المتطوعين قاعدةَ بياناتٍ يمكن للبريطانيين والأوكرانيين من خلالها التواصل مع بعضهم البعض. وقد اشترك حوالي 2500 بريطاني و1500 أوكراني في شبكة «أوبورا» الخاصة بلانوفينكو. وقال إن وزارة الداخلية البريطانية، المعروفة بإجراءاتها البيروقراطية، كانت محقةً في عدم محاولة لعب دور الوسيط في موقف يتطلب استجابةً سريعةً.

لكنه أكد أنه كان بإمكان الحكومة القيام بعمل أفضل بكثير في دعم المجتمع المدني ووضع القواعد الأساسية. وأضاف أنه على سبيل المثال، سيكون من الجيد الحصول على توضيح عندما تم الإعلان عن البرنامج حول كيف ومتى سيتم التحقق من الرعاة. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أرسل المسؤولون رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى بعض الرعاة البريطانيين لإخبارهم بأنهم سيجرون فحوصات مختلفة عليهم، لكن قد لا يتم ذلك قبل وصول اللاجئ. ويتوقع لانوفينكو أن بعض الأشخاص في قاعدة بياناته قد يكونون غير مؤهلين بعد الفحوصات الأمنية والتوضيحات بشأن متطلبات الأهلية.

وقال: «يجب أن تكون هناك بعض الضمانات الجادة على الجانبين. لكن سيكون من المفيد حقاً الحصول على بعض هذه التفاصيل قبل الإعلان عن الخطة». ووجدت جيسيكا روني (40 عاماً)، وهي محامية تعيش في شمال غرب لندن، شخصاً مناسباً على الفيسبوك، وهو أم أوكرانية وابنتها الصغيرة. وقالت روني إنها طلبت فحص السجل الجنائي لنفسها، لكن ذلك ليس مطلوباً حتى الآن.

كارلا آدم*

*مراسلة «واشنطن بوست» في لندن.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»