في دولة الإمارات تسير عجلة التنمية وفقاً لمجموعة من الخطوط المتوازية، التي تشمل جوانب الحياة كلّها، لكنّها تولي أهمية خاصّة وعناية لا حدود لها للعنصر البشري، الذي يُعدّ الهدف الأول للخطط والمشاريع والمبادرات كافّة، والركيزة الأساسيّة التي تقوم عليها وتنجح بها.

من هذا المنطلق تحرص الدولة على تنمية الإنسان وتطوير معارفه ومداركه والارتقاء بقدراته ومهاراته ليس على المستوى المهني والوظيفي فحسب، وهو ما يتمّ من خلال التعليم والتدريب، وإنّما على المستوى المعرفي بشكل عام على اتساع آفاقه وتنوّع فروعه، من خلال تشجيع أبناء المجتمع على مجموعة من الممارسات التي تسهم بفاعلية في فتح آفاق جديدة للتفكير والإدراك أمامهم، وتيسّر لهم فهم ما يحيط بهم وما يدور حولهم من تفاعلات على الصُعُد المختلفة.

وتأتي القراءة على رأس الممارسات الإيجابية التي تسعى دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة إلى تعزيزها لدى أفراد المجتمع، من مواطنين ومقيمين، بوصفها غذاء للعقل وسبيلاً لتهذيب الشعور والذائقة وتعزيز الوعي وإطلاق العنان للتفكير، بجانب أنها الطريق الأفضل لتنويع ما يتضمّنه الإطار المرجعي للإنسان من معلومات تعزّز قدرته في الحكم على الأفكار والمعلومات التي يتعرّض لها على مدار الساعة من شتّى المصادر، وتمييز غثّها من سمينها.

أطلقت الدولة العديد من المبادرات التي تستهدف ترسيخ ثقافة العلم والمعرفة، والتي يأتي على رأسها ما وجّه به صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بجعل عام 2016 عاماً للقراءة، ثمّ بعد ذلك اعتماد مجلس الوزراء، ومنذ عام 2017، شهر مارس من كل عام شهرًا للقراءة، وهو ما يمهّد الطريق لتأهيل جيل من العلماء والمفكرين والباحثين والمبتكرين، الذين يسهمون في تعزيز مسيرة التميّز التي تنتهجها الإمارات، وفي تمكينها من تحقيق ما تطمح إليه بأن تكون واحدة من أفضل دول العالم، ويحملون رسالتها الإنسانية التي تتطلّع نحو حياة أفضل لكل من يعيش على هذا الكوكب.

تلك المبادرات، التي لا يمكن عند الحديث عنها إغفال ما تنظمه وتستضيفه إمارات الدولة من فعاليات، تحتفي بالثقافة وتمجّد القراءة ومن بينها معارض الكتاب، باتت تؤتي أكلها في تعزيز القراءة كسنّة طيبة لدى أفراد المجتمع كباراً وصغاراً، وهو ما تجلّى في نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الإحصاء–أبوظبي حول نتائج للقراءة في إمارة أبوظبي لعام 2022، الذي أظهر ارتفاع نسبة السكان الذين يمارسون القراءة بشكل منتظم خلال السنوات الثلاث الماضية من 38 في المئة لتتجاوز 55 في المئة عام 2022، وبالتالي إعادة الاعتبار للكتاب بوصفه «خير جليس».

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.