استشراف حكومات المستقبل
تختلف دول العالم فيما بينها بناء على العديد من العوامل منها الموقع الجغرافي والمساحة والموارد الطبيعية والبشرية وعدد السكان والثقافة والتاريخ وغيرها، ولكنها تتفق بشكل عام على ضرورة تلبية احتياجات شعوبها في الحاضر والتخطيط للتكيف مع متغيرات المستقبل. ولكن قلما نجد دولة لا تخطط فقط لمستقبل شعبها، بل تستشرف أيضا مستقبل دول العالم وتضعه أمام القيادات والخبراء والباحثين والأكاديميين والمواطن العادي.
وقد شهد العالم منذ أيام قليلة ما قامت به قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال القمة العالمية للحكومات عندما استعرضت آفاق المستقبل من خلال موضوعات ومناقشات استشرافية محددة وعميقة وشاملة لتطرح أمام زعماء وحكومات وشعوب العالم ما سوف يؤول إليه مستقبل البشرية في كافة القضايا.
وقد شملت مناقشات القمة على سبيل المثال وليس الحصر موضوعات تسريع التنمية والحوكمة واستكشاف الآفاق المستقبلية الجديدة فيها، والعلاقة المستقبلية بين الحكومة والتقنيات ونظام سلسلة الموارد، وتأثير ذلك على مستقبل الخدمات الحكومية، وأهمية المعلومات الجغرافية للحكومات والاقتصاد، بجانب استعراض مستقبل التخطيط الحضري وجودة الحياة، وحوكمة ومستقبل الشركات العائلية، وخطوات دعم اتخاذ القرار في ظل مستقبل انتشار البيانات.
وفي مجال تكنولوجيا وسياسات المناخ، عرضت القمة كيفية تحقيق مستقبل مستدام في مجالات المناخ بجانب أمن الطاقة في ظل مستقبل الانبعاثات الكربونية الصفرية وأهمية تصميم واستدامة المدن العالمية والمدن الذكية في المستقبل. وفي حقل الاقتصاد وعلاقته بمستقبل البشرية، فقد ناقش الخبراء التجارة الدولية ما بعد العولمة، ومستقبل التجارة الرقمية، وأوضاع حكومات المستقبل في ظل مرونة الاقتصاد، ومستقبل اقتصاد العالم في ظل النمو السكاني. وفي مجال الابتكار والتكنولوجيا والعلوم، فقد تم استعراض دور الروبوتات في مستقبل البشرية، وسياسات العصر الرقمي، ودور الذكاء الاصطناعي في تمكين الجيل الجديد من الخدمات الحكومية في المستقبل، والميتافيرس ورسم الآفاق المستقبلية لتقديم الخدمات الحكومية، وأهمية العلوم في صياغة السياسات الحكومية، وتأثير التكنولوجيا على مستقبل التعليم ومجالات البحث والتطوير، بجانب احتمالات تغير مستقبل البشرية في ظل الاكتشافات العلمية المتسارعة.
ولم تغفل القمة عن متغيرات المستقبل في سوق العمل، بل ناقشت سيناريوهات بيئة العمل المستقبلية وتأثير الأتمتة على مستقبل العمل. شارك في فعاليات القمة العالمية للحكومات 150 دولة و20 رئيس دولة وما يزيد على 250 وزيراً وآلاف المسؤولين الحكوميين والخبراء والباحثين والأكاديميين والمواطنين والمقيمين وزوار الدولة بجانب ما يربو على 80 منظمة دولية وإقليمية منها الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومنظمة التجارة العالمية، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وصندوق النقد الدولي، ومركز التنافسية العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية، وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة لأبرز الشركات العالمية والمؤسسات الأكاديمية العريقة.
والأمر اللافت للنظر والجدير بالفخر والاعتزاز هو أن من قام على تحديد موضوعات القمة وتنظيم فعالياتها بدقة وشمولية فاقت التوقعات واستقبال ضيوفها وتسهيل تنقلهم بين أماكن إقامتهم ومقر القمة والحرص على مدار الساعة على راحتهم وضمان استفادتهم المثلى من محاور القمة، هم جميعاً من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة من الجنسين والذين أثبتوا للعالم أنهم أساس التنمية لتحقيق المستقبل المشرق للدولة.
*باحث إماراتي