الملفات القضائية.. هل تعرقل ترشحَ ترامب؟
في يوم 13 يونيو في ميامي بولاية فلوريدا، وُجهت لدونالد ترامب رسمياً لائحة اتهام تشمل 37 تهمة تتعلق بنشاط إجرامي بخصوص طريقة تعامله مع وثائق سرية بعد أن غادر البيت الأبيض ولم يعد رئيساً. ويأتي ذلك بعد أن وُجهت له لائحةُ اتهام في نيويورك تتعلق بقضية تحرش وُجد أنه مسؤول عنها قانونياً يوم 9 مايو الماضي في المحكمة المدنية. التهم أكثر ضرراً بكثير هذه المرة وتشمل انتهاكات لقانون التجسس الصادر في عام 1917. وفي هذا السياق، صرّح وزيره السابق للعدل ويليام بار بأنه إذا ثبت أن الجرائم التي يُتهم بارتكابها صحيحة وحدثت بالفعل، من قبل هيئة محلفين، فإنه سيصبح «شخصاً منتهياً» ويمكن أن يُرسَل إلى السجن. وفي حال حدث هذا الأمر وحينما قد يحدث، فإنه سيتصادم مع حقيقة أن ترامب ما زال المرشح الأوفرَ حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024. واعتماداً على توقيت القضية ومدتها ونتائجها، فقد يجد ترامب نفسَه يسعى لإعادة الانتخاب كشخص مدان.
وعلاوة على هذه المتاعب، يقوم جاك سميث، المستشار الخاص الذي أعد تهم التجسس الحالية، على التحقق مما إن كان ترامب قد خالف القانون في تدبير التمرد ضد مقر الكونجرس الأميركي يوم السادس من يناير 2021، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تهمة التحريض على التمرد، والتي تُعد مشكلة قانونية أكثر خطورةً من قضية الوثائق.
والسؤال بالنسبة للبلاد حالياً هو ما إن كانت القضايا القانونية ضد ترامب ستؤدي إلى تآكل الدعم لترشحه لاستعادة البيت الأبيض؟ حتى الآن، أغلبية الجمهوريين الذين يتنافسون مباشرة ضد ترامب في الانتخابات التمهيدية كانوا متحفظين للغاية في التعليق على موضوع متاعبه القضائية. ثلاثة مرشحين فقط انتقدوه صراحة. وحتى الآن، كان حاكم ولاية نيوجيرزي السابق كريس كريستي الأكثر وضوحاً وصراحة في الجهر برأيه، إذ اعتبر أنه «إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن السنوات الأربع القادمة ستتمحور حول تصفية الحسابات». هذا في حين دعا مرشح آخر، هو حاكم ولاية أركانساس الأخير آسا هاتشينسون، ترامب إلى «الانسحاب» من الحملة الانتخابية. وفي غضون ذلك، انتقدت نيكي هيلي، السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، ترامب بسبب سياساته تجاه روسيا وعدم دعمه لأوكرانيا، معتبرةً أنه إذا كانت التهم صحيحة فإنها مقلقة جداً. لكن مرشحين آخرين كانوا أكثر انتقاداً لإدارة بايدن من ترامب واعتبروا أن وزارة العدل تعرضت لـ«التسييس».
مستقبل ترامب السياسي سيتوقف على كيف سينظر الجمهوريون الأكثر ولاءً للحزب إلى فرص وحظوظ فوزه على بايدن العام المقبل. وعلى الرغم من أنهم يعشقونه، إلا أن هناك مؤشرات على أن بعضهم يعتبرونه عبئاً متزايداً لن يكون قادراً على الصمود في وجه الانتقادات الشديدة في حال حاول استعادة البيت الأبيض. هذا القلق، بما في ذلك اللازمة التي كرّرها بشكل فعّال مؤخراً كريستي من أن ترامب «فاشل»، قد يصبح أوضح وأقوى حضوراً مع احتدام السباق.
وعقب توجيه لائحة الاتهام إليه في ميامي، والتي قال للمحكمة في تعقيبه عليها إنه «غير مذنب»، سافر ترامب إلى نادي الغولف الذي يملكه في ولاية نيوجيرزي حيث ألقى كلمة على جمع من أنصاره. واللافت هنا أنه لم يتطرق أبداً لتفاصيل أخطر الاتهامات الموجهة له، وبدلاً من ذلك انخرط في خطاب انتقامي طويل حول أخطاء ومخالفات بايدن (و«عائلته») ومَن سبقه من الرؤساء، بما في ذلك الرؤساء الجمهوريون. وصوّب سهامه بشكل خاص إلى المستشار الخاص جاك سميث الذي أشار إليه بأوصاف حادة وشديدة القسوة.
ومما لا شك فيه أن الأسابيع المقبلة ستحدد ما إن كان خطاب ترامب الناري سيساعد ملف ترشحه أو ما إن كان سيواجه، أخيراً، تحدياً جدياً من الجمهوريين الآخرين الذين لا بد أنهم يشعرون بالقلق كونه ليس الشخص الذي يصلح لقيادتهم لأربع سنوات أخرى.
*مدير «البرامج الاستراتيجية» بمركز ناشيونال إنترست- واشنطن