كندا.. حرائق غابات استثنائية
الأسبوع الماضي، وبينما بدأ الضباب في شمال شرق الولايات المتحدة ينقشع، لا تزال حرائق الغابات في كندا، التي سببت كل ذلك الدخان، مستعرة من دون أي نهاية فعلية في الأفق. فمن غير المتوقع أن تدفع تيارات الريح بالمزيد من الدخان الضار عبر الحدود في الأيام القادمة، إلا أن الهواء الأنظف في الولايات المتحدة، لا يعني أن الظروف قد تغيرت كثيراً بالنسبة لمكافحة الحرائق في كندا. قد توفر الأمطار الخفيفة في مطلع الأسبوع القادم قدراً من الراحة لمئات رجال الإطفاء الذين يكافحون للسيطرة على النيران، لكنها لن تكون كافية لإطفاء الحرائق بشكل كامل. ولا يعرف خبراء الأرصاد بشكل مؤكد إلى متى ستستمر الحرائق الحالية في إحراق مناطق من كندا. يرى دوج جيلام، خبير الأرصاد وأحد مديري مركز الطقس التابع لشبكة الطقس الكندية أن «الأحوال ستتحسن إلى حد ما، لكننا لسنا قريبين بأي حال من أمطار تكفي لإطفاء الحرائق» لكن الأمطار ستجعل الظروف على الأقل غير مواتية لانتشار الحرائق الحالية أو لاشتعال حرائق جديدة. ويشير إلى أنه «ما أن يخرج الحريق عن السيطرة فإن اخماده يستغرق الكثير من الوقت». حسب مسؤولين، شهدت الآونة الأخيرة أكثر من 420 حريقاً نشطاً في أرجاء كندا. وفي منطقة كيبيك وحدها، كان مصدر معظم الدخان الذي غطى مساحات في الولايات المتحدة، هناك 127 حريقاً. وأكثر من نصف الحرائق النشطة لا يزال خارج السيطرة. ورأى سكان كيبيك انخفاضاً في درجات الحرارة، بعدما أدى الحر والأجواء المشمسة إلى تصاعد كميات كبيرة من الدخان أثناء النصف الأول من الأسبوع الماضي. وكانت الأحوال الجوية يوم الجمعة لا تزال غائمة جزئياً وباردة، مما أسهم في تقليل الدخان وتقليص كمية الضباب الذي ينطلق إلى الجو. وبينما يرى جيلام أن «الأجواء على الأرض ليست شديدة أو قاسية كما كانت لكنها لا تزال مخيفة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون بالقرب من الحرائق» لكنه يعتقد أن «الآثار ليست واسعة الانتشار مع تراجع الدخان المنبعث».
وكانت معظم الأنحاء في كندا تستعد لدخان منبعث من حرائق الغابات المتواصلة في مطلع الأسبوع، كان كثير من السكان في تورنتو يفكرون في التوقف عن بعض الأنشطة خارج المنزل حتى تتحسن الأحوال الجوية. تمارس مارسي روز (56 عاماً) رياضة الجري في الهواء الطلق لأربعة أيام في الأسبوع عادة. وقررت «روز»، المقيمة في تورنتو، وشريكتها في ممارسة الرياضة أن يمارسا الرياضة يوم الخميس الماضي في ظل تردي الهواء، لكنهما أدركتا متأخراً أنه ما كان ينبغي لهما الإقدام على ذلك. يرى الخبراء أن سلامة ممارسة التمارين الرياضية في الهواء الطلق تعتمد على عوامل مختلفة منها الصحة واللياقة البدنية والسن.
ولم تشعر «روز» أثناء الجري لمسافة 4.5 ميل بأي شيء مختلف عن العادي، لكن بعد مراجعة البيانات على ساعة آبل لاحقاً، لاحظت أن معدل ضربات قلبها أعلى من المألوف وأن سرعتها كانت ابطأ. وهي لم تكن متأكدة مما إذا كان ذلك بتأثير عوامل أخرى وتتساءل فقط هل تراجع جودة الهواء قللت من سرعتها وزادت من ضربات قلبها. وبينما لم يلحظ بعض الناس أي أعراض سببها الدخان، لم يشعر آخرون بارتياح في الأيام الأخيرة. أشارت أليكسا هيكت وهي طبيبة عيون تقيم في تورنتو أنها شاهدت زيادة في عدد المرضى الذين يعانون من تهيج في العيون منذ بدء حرائق الغابات.
لكن الكثير من عمال البناء ومنسقي الحدائق قاموا بعملهم في ظل الأجواء الضبابية. وبينما تتحسن نوعية الهواء في بعض الأماكن على ما يبدو، حذر مسؤولون كنديون من أن من المتوقع أن تعاني البلاد من أسوأ موسم حرائق غابات في تاريخها. ومن المتوقع أن تشهد البلاد مزيد من موجات الضباب خلال أشهر الصيف ويقول الخبراء إن هذه هي البداية وحسب. ومن المتوقع أن يكون الصيف في كيبيك أكثر برودة من المعتاد حسب خبراء الأرصاد. ويرى جيلام أن درجات الحرارة الأبطأ قد تعني أن حرائق الغابات لن تنتشر بسرعة وأنها ستنتج دخاناً أقل لا يتصاعد إلى الغلاف الجوي. لكن الأجواء الأكثر برودة لا تكفي لإخماد الحرائق. كذلك، فإن الأحوال الجوية الأكثر جفافاً عن المعتاد والمتوقعة في معظم المناطق التي تستعر فيها الحرائق.
ويشعر جيلام بالقلق لأن الحرائق قد تستمر مستعرة لفترة طويلة. كذلك يشعر مارك روبينسون، وهو خبير أرصاد في شبكة الطقس الكندية، بالقلق لأن موسم الحرائق المبكر – الذي يبدأ عادة في يوليو وأغسطس – فد يؤدي إلى موسم حرائق كبير في كندا بشكل عام. فهناك نحو 10.6 مليون فدان احترقت بالفعل في كندا هذا العام، وهو ما يعادل 15 مثلاً لمتوسط عشر سنوات. والنمط الذي سمح للدخان بأن يصل إلى الساحل محمولا برياح شمالية شرقية بدأ ينحسر بالفعل وسيعود إلى نمط حركتها العادي من الغرب إلى الشرق. قد لا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تتضرر فيها المناطق الشرقية من آثار الدخان حسبما يشير جيلام. لكن من غير المرجح أن تسبب إلى المستويات ذاتها من نوعية الهواء السيئة الني خيمت على الساحل الشرقي هذا الأسبوع.
سيدني بيج*
*صحفية تغطي شؤون تغير المناخ في أميركا الشمالية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكشن»