تُمثّل استضافة دولة الإمارات مؤتمر «كوب 28» فرصة حقيقة لدفع الاستثمارات في المنطقة العربية في مجال الاقتصاد الأخضر من خلال عقد الشراكات مع العديد من الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنيّة، كما أن المؤتمر سيمثّل فرصة للدول العربية لتقديم نفسها كفاعل أساسي في تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التأثيرات السلبية الخطيرة للتغيرات المناخية.

ومن المؤكد أن «كوب 28» سيساعد في تحديد أهم الفرص التي تدعم النموَّ الاقتصادي على المدى الطويل من خلال مواجهة التحديات المناخية، واستكشاف قطاعات مستقبلية تُرسّخ عملية التنمية المستدامة في العالم العربي، من خلال تحديد السياسات المناخية الاستباقية، والتركيز على المرونة للتكيّف مع معطيات التنمية الخضراء.

وفي الوقت نفسه يُعدّ «كوب 28» فرصةً ذهبيةً للتعرف على مدى استعداد الحكومات العربية وقدرتها على مواجهة التحديات التي تفرضها التغيراتُ المناخية، كما أنه سيكون مؤشراً على مدى استعدادها لاستغلال فرص النمو في الاقتصاد الأخضر، وتعزيز عملية التنمية المستدامة لتحقيق الأهداف التنموية الوطنية.

وغنيٌّ عن البيان أن دولة الإمارات تُقدّم نموذجاً فريداً في الاستدامة، في ظل ما حقّقته من إنجازات متراكمة في هذا القطاع، عبر المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول سنة 2050، لتكون أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

وقد كان لهذا النهج انعكاساته الإيجابية العديدة، في ظل ما انطوى عليه من فرص جديدة لعملية التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة، وتعزيزه لعملية التقدّم الاقتصادي وترسيخ مكانة الإمارات وجهةً مثاليةً للعيش والعمل في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

وفي الواقع فإن التوظيف الأمثل لتعزيز الفرص الاستثمارية التي سيوفرها «كوب 28» للمنطقة العربية، يفرض بالضرورة وضع سياسات وتشريعات داعمة لنهج الاستدامة والتحوّل الأخضر، فضلاً عن الأهمية الخاصة لترسخ أسس الشراكة بين القطاعَين الحكومي والخاص.

وثمّة أولويات عدة مهمة في هذا السياق، في مقدّمتها رعاية المدن الذكية وضرورة تنميتها، ودعم التمويل الأخضر، وضرورة الابتكار في صنع السياسات العامة، فضلاً عن الاستثمار في رفع الوعي، بهدف إحداث تحول ثقافي داخل المجتمع فيما يخصّ خطر التغيرات المناخية من ناحية، والفرص التي توفرها التنمية الخضراء من ناحية أخرى.

إن مؤتمر «كوب 28» الذي تراهن عليه دولة الإمارات لإحداث نقلة حاسمة في مواجهة التحديات المناخية عبر تعاون دولي فاعل، استناداً إلى تراثها الثريّ في مجال توظيف الاستدامة لدعم عملية التنمية والتطوير الاقتصادي، يشكّل فرصةً مهمةً للدول العربية لتعزيز استثمارها في مجال الاقتصاد الأخضر، ومن المؤكد أن المؤتمر سيكون فرصة لاستثمار خبرة الإمارات في الاقتصاد الرقمي والتوظيف المتقدّم للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لفهم هذه التحدّيات والتعامل معها بشكل أكثر كفاءة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.