انتخابات بنجلادش القادمة
أدى تهديد الولايات المتحدة بتقييد حصول البنجاليين الذين يقوضون عمليةَ الانتخابات على تأشيرات الدخول إلى تركيز عالمي على الانتخابات العامة التي ستُجرى هناك في يناير 2024. وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أن واشنطن تتبنى سياسة تدعم «انتخابات وطنية حرة ونزيهة وسلمية» في بنجلادش.
وأكدت وزارة الخارجية البنجالية في ردها للمجتمع الدولي أن انتخابات حرة ونزيهة ستُجرى في يناير المقبل. وليست هذه المرة الأولى التي تدين فيها الولايات المتحدة بنجلادش؛ ففي عام 2021، فرضت عقوبات على «كتيبة العمل السريع في بنجلادش»، وهي قوة النخبة الأمنية في البلاد. كما أعربت واشنطن عن قلقها من قانون للأمن الرقمي يُنظر إليه على أنه وسيلة للحد من حرية التعبير عبر الإنترنت. وبعد ذلك، لم تدع الولايات المتحدة بنجلادش لحضور قمتي الديمقراطية العالميتين في عامي 2021 و2023.
وأدى كل هذا إلى مخاوف بشأن كيفية سير العملية الانتخابية في الدولة الواقعة بجنوب آسيا. وحالياً، تتمتع الشيخة حسينة فيما يبدو بتقدم يؤهلها للفوز برابع ولاية على التوالي كرئيسة للوزراء. وقد استمرت الاضطرابات السياسية المحلية في بنجلادش التي تعد ثامن أكثر دول العالم سكاناً. ويمسك حزب «رابطة عوامي» الحاكم بالسلطة منذ 15 عاماً، لكن الأسئلة تُثار حول الانتخابات القادمة وحول حظها من النزاهة والشفافية.
وقد قال «الحزب الوطني البنجالي»، وهو حزب المعارضة الرئيسي، إنه سيقاطع الانتخابات حتى يتم إصلاح إدارتها. وهذا الحزب المعارض الذي خرج من السلطة عام 2006، نظّم سلسلةَ اجتماعات في جميع أنحاء البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية. وكان مطلبه الرئيسي سحب القضايا المرفوعة ضد رئيسته خالدة ضياء وابنها طارق رحمن المتهمين في قضية فساد.
وفي عام 2019، قاطع الحزب الانتخابات أيضاً. وتشهد البلاد أعمال عنف في الشوارع مع وجود خيبة أمل من العملية السياسية. ويختار الناخبون البنجاليون 300 عضو في البرلمان الوطني، ثم يصوتون لانتخاب 50 امرأة أخرى في البرلمان ليصبح إجمالي عدد الأعضاء 350. وشهدت الانتخابات السابقة في عامي 2014 و2019 مزاعم تزوير واتهامات للمعارضة السياسية بإفساد الانتخابات الوطنية.
لكن حكومة الشيخة حسينة نفت التهم حينذاك. وعلى هذه الخلفية، طلب «الحزب الوطني البنجالي» من الشيخة حسينة التنحي وإجراء الانتخابات المقبلة في ظل حكومة تصريف أعمال محايدة. لكن حكومة الشيخة حسينة رفضت هذا الطلب وأكدت أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة تحت إشراف لجنة الانتخابات الوطنية. إلا أن أحزاب المعارضة تقول إن لجنة الانتخابات أداة طيعة في يد الحكومة وليست محايدة.
ومع ذلك، مازال ثمة اهتمام دولي بانتخابات بنجلادش. فقد دعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان ودولٌ أخرى إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ويعتزم الاتحاد الأوروبي إرسال بعثة تقييم ومراقَبة للانتخابات العامة.
ورحبت أحزاب المعارضة البنجالية بالاهتمام الدولي، لكن يبقى أن نرى ما سيكون لهذا من تأثير على حظوظ المعارضة. والمعارضة بيت منقسم، وقد أدت مقاطعتُها الانتخاباتِ السابقةَ إلى فقدان الدعم الشعبي، واعتبرت قطاعات كبيرة من الناس مقاطعةَ الانتخابات خطوةً خاطئة. واحتفت المعارضة السياسية والجماعات الحقوقية بتركيز المجتمع الدولي على بنجلادش. لكن يتعين الانتظار حتى نرى مدى تأثير ذلك على الانتخابات نفسها.
ويُنظر إلى بنجلادش على أنها لاعب مهم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ نظراً لموقعها الاستراتيجي في خليج البنغال. وتتمتع الشيخة حسينة بعلاقات وثيقة جداً مع الهند، وفي وقت من الأوقات حظيت أيضاً بدعم الغرب. صحيح أن العلاقات بين الهند وبنجلادش ما تزال وثيقة، وتعمل بنجلادش أيضاً على بناء علاقاتها مع الصين في الوقت الذي تسعى فيه إلى تنمية اقتصادها حيث تستثمر الصين مليارات الدولارات في مشروعات البنية التحتية. ومعلوم أن حزب «رابطة عوامي» الحاكم حليف وثيق للهند. وبالتالي، فإن المجتمع الدولي سيراقب عن كثب الانتخابات التي سيكون لها تأثير كبير على بنجلادش في السنوات القادمة. وتعد بنجلادش اقتصاداً مهماً على الرغم من أنها واجهت بعض النكسات الاقتصادية في أعقاب جائحة كوفيد-19 عام 2020.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية -نيودلهي