لا تعجب إذا وجدتَهم يبتسمون!
كثيراً ما نشاهد مراجعي الدوائر الحكومية في بداننا العربية، وحتى الأجنبية، وهم عابسو الوجوه متأففين مِن طوابير الانتظار الطويلة والروتين الممل ومراجعات الذهاب والإياب التي لا تنتهي، خاصة مع بداية فصل الصيف الحار حيث يتردد كثير من المراجعين على نوافذ الدوائر الحكومية، سواء بهدف تصديق أوراق الشهادات الدراسية أو بغية الحصول على أوراق لها علاقة بالسفر والدراسة في الخارج والإقامة فيه.
ولا شك في أن أفضل أنواع الاستثمار وأعلاها عائداً هو الاستثمار في المشاعر الإيجابية والانطباعات الجيدة، وبقدر ما تنال الوزاراتُ والدوائر والمؤسسات الحكومية من رضا الزوار والسياح والمتعاملين، فإن ذلك ينعكس على المردود المتحقق من الأهداف التي تعمل على تحقيقها والغايات والنتائج التي تطمح للحصول عليها. بيد أن رضا المجتمع لا بد أن يقوم على هَرمٍ قاعدتُه رضا العاملين عن مؤسستهم ومدى اهتمامها بهم وما تقدمه لهم من خدمات ميسَّرة ومميزة.
ومن هنا تنفق المؤسساتُ الطامحةُ إلى التقدم والنجاح أموالا طائلة على سياسات تحسين الأداء وتطوير بيئة العمل التي تمكِّن الموظفين من تقديم أفضل ما يملكون من طاقات وأفكار، لصالح تطوير الخدمات المقدَّمة بغيةَ جذب المتعاملين وإسعادهم.
ومن النماذج الملهمة في هذا المجال إمارة دبي التي تفوّقت على نفسها في الكثير من مجالات التطور الإداري والاقتصادي وكرّست نفسَها كنموذج فريد في العالم، أي كوجهة سياحية رائدة ومفضلة وكمركز جذب للكثير من المبدعين والمستثمرين وأقطاب المال والأعمال ونجوم الفن والرياضة ومشاهير السينما العالمية وكبار المشاهير والمؤثرين.
وقد تسنَّى لي التعاملُ مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، وتأكد لي عملياً ما اشتهرت به هذه الإدارة من أنظمة مرنة وقوانين واضحة ومعاملة راقية وأسلوب مهذب وخدمات سريعة، كباقي الدوائر الحكومية الأخرى في دولة الإمارات، وهو أمر يترك أفضلَ الأثر لدى القادمين إلى دبي والمغادرين منها. لقد وجدتُ نفسي ضيفاً على المقر الرئيسي للإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في مدينة دبي، فأذهلني ما تقوم به من جهود لتحسين وتطوير بيئة العمل فيها من أجل إسعاد العاملين والمتعاملين معاً.
ومع دخول فصل الصيف، وما يصاحبه عادة من رغبة الكثيرين في السياحة والسفر، قامت الإدارة بتنظيم «معرض السعادة في السفر»، بالتعاون مع شركائها من وكالات السياحة والسفر والضيافة وشركات الطيران، حيث تم تخصيص منصة خاصة لكل منها في المعرض لتقديم عروضها الخاصة لموظفي الإدارة وأفراد عائلاتهم من الراغبين في السفر والسياحة الداخلية والخارجية خلال الصيف، بما يسعد هؤلاء العاملين ويُشيع الفرحَ في نفوسهم، وهو ما ينعكس حتماً على تعاملهم مع الآخرين وينشر «عدوى» الشعور بالسعادة والرضا في نفوس الجميع.
والحقيقة أنك ما أن تراجع أي دائرة في دولة الإمارات حتى تشعر بمدى السعادة والارتياح من خلال الخدمات المقدمة لراحة المراجع. وهكذا نجحت الإدارة في خلق بيئة عمل محفِّزة تَدفع العاملين والموظفين لبذل أقصى طاقتهم ولتقديم أفضل ما يملكون في خدمة للمواطن والمقيم، والمراجع من أي جنسية كان، حتى ليَشعر وكأنهم وُجِدوا فقط لخدمته.. ولذا فلا تعجب إذا وجدتَهم جميعاً، الموظفون والمراجعون، يبتسمون!
*كاتب سعودي