بعد أن بدأ حملته الرئاسية رسمياً، سُئل رون ديسانتيس عن تغير المناخ. لكنه نحى الموضوع جانباً، وقال: «لطالما رفضت تسييس الطقس».
لكن يجب علينا بكل تأكيد تسييس الطقس. من الناحية العملية، من المحتمل ألا تكون السياسة البيئية قضية رئيسية في حملة 2024، والتي ستركز بشكل أساسي على الاقتصاد والقضايا الاجتماعية. ومع ذلك، فإننا نعيش في زمن يشهد تسارعاً في الكوارث المتعلقة بالمناخ، والتطرف البيئي للحزب «الجمهوري» – الذي هو أكثر عداءً للعمل المناخي من أي حزب سياسي رئيسي آخر في العالم المتقدم - سيكون أكبر قضية انتخابية على الإطلاق في أي نقاش سياسي أكثر عقلانية.
أولاً، الخلفية البيئية: نحن فقط في منتصف عام 2023، ومع ذلك فقد رأينا بالفعل العديد من الأحداث المناخية التي كان من الممكن أن تصبح مروعة منذ وقت ليس ببعيد. بشكل عام، كان الشهر الماضي هو الأكثر سخونة على الإطلاق. إذ ضربت موجات حر غير مسبوقة منطقة تلو الأخرى في العالم: شهدت جنوب آسيا والشرق الأوسط موجة حر هددت الحياة في مايو. وتمر أوروبا الآن بموجتها الحرارية الكارثية الثانية في فترة قصيرة من الزمن. وتشهد الصين أيضاً أعلى درجات حرارة على الإطلاق، بينما يعاني جزء كبير من جنوب الولايات المتحدة من مستويات خطيرة من الحرارة لأسابيع، دون أن تلوح في الأفق نهاية.
قد يغري هذا الطقس سكان فلوريدا بالسباحة في المحيط - لكن درجات حرارة المحيط قبالة جنوب فلوريدا اقتربت من 100 درجة، ليست أقل بكثير من درجة الحرارة في حوض الاستحمام الساخن.
وعلى الرغم من أن درجات الحرارة في بقية المناطق في أميركا لم ترتفع إلى هذا الحد، إلا أن الجميع في الشمال الشرقي يتذكر كيف أثر الدخان المنبعث من حرائق الغابات الكندية على جودة الهواء بشكل خطير، حيث حول السماء إلى اللون البرتقالي.
لكننا نشهد دائماً أحداث طقس متطرفة. هل يمكننا إثبات أن تغير المناخ تسبب في أي كارثة معينة؟ ليس تماماً. لكن المجال المزدهر لـ «إسناد الحدث المتطرف» يقترب. (يُعد إسناد الحدث المتطرف أو الشديد المعروف أيضا باسم علم الإسناد، مجالاً جديداً نسبياً للدراسة في علم الأرصاد الجوية وعلوم المناخ يحاول قياس مدى تأثير تغير المناخ المستمر بشكل مباشر على أحداث الطقس المتطرفة الأخيرة.) تقول النماذج المناخية إن أنواعاً معينة من الظواهر الجوية المتطرفة تصبح أكثر احتمالاً على كوكب يزداد احتراراً - على سبيل المثال، ما كان في السابق موجة حرارة نشهدها في المتوسط مرة واحدة فقط كل بضعة عقود يصبح حدثاً سنوياً تقريباً. يقارن علم إسناد الحدث احتمالات مواجهة حدث شديد بالنظر إلى الاحترار العالمي مع احتمالات حدوث نفس الحدث بدون تغير المناخ.
بالمناسبة، أنا أزعم أن إسناد الأحداث المتطرفة يكتسب مصداقية من حقيقة أنه لا يروي نفس القصة دائما، وأنه في بعض الأحيان يقول إن تغير المناخ ليس هو السبب. على سبيل المثال، تشير التحليلات الأولية إلى أن تغير المناخ لعب دوراً محدوداً في الفيضانات الشديدة التي ضربت مؤخراً شمال شرق إيطاليا.
ومع ذلك، كان هذا هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة. بشكل عام، يُظهر تحليل علم إسناد الحدث أن الاحترار العالمي زاد من احتمالية وقوع الكوارث التي شهدتها السنوات الأخيرة. ليس لدينا حتى الآن تقديرات لسلسلة الكوارث الأخيرة التي لا تزال مستمرة، ولكن يبدو من الآمن أن نقول إن هذا التسلسل العالمي لأحداث الطقس المتطرفة كان من المستحيل عملياً أن يحدث بدون تغير المناخ. وهذا يكاد يكون بالتأكيد مجرد بداية الأزمة، وهو عبارة عن مجموعة من الدلالات لكوارث عديدة قادمة.
وهو ما يعيدني إلى «تسييس الطقس». لا ينبغي أن يكون القلق بشأن أزمة المناخ قضية حزبية. لكنه كذلك، على الأقل في هذا البلد. اعتباراً من العام الماضي، اعتبر 22% فقط من الأميركيين الذين اعتبروا أنفسهم منتمين إلى اليمين السياسي أن تغير المناخ يشكل تهديداً كبيراً. كانت الفجوة بين اليسار واليمين في أميركا أكبر بكثير مما كانت عليه في البلدان الأخرى. وفقط في أميركا ترى أموراً مثل «الجمهوريين» في تكساس، وهم يحاولون بنشاط تقويض قطاع الطاقة المتجددة المزدهر في ولايتهم.
الشيء اللافت للنظر في إنكار المناخ هو أن الحجج لم تتغير على الإطلاق على مر السنين: تغير المناخ لا يحدث، حسناً، إنه يحدث، لكنه ليس شيئاً سيئاً، إلى جانب ذلك، فإن القيام بأي شيء حيال ذلك سيكون بمثابة كارثة اقتصادية.
ولا يتم التخلي عن أي من هذه الحجج في وجه الأدلة. في المرة القادمة التي تحدث فيها موجة برد في مكان ما في أميركا، سيؤكد المتشككون المعتادون مرة أخرى أن تغير المناخ مجرد خدعة. والتقدم التكنولوجي المذهل في مجال الطاقة المتجددة، والذي يجعل الآن الطريق إلى خفض الانبعاثات بشكل كبير يبدو أسهل مما يتخيله المتفائلون، لم يوقف الادعاءات بأن تكاليف سياسة المناخ لإدارة بايدن ستكون لا تُحتمل.
لذلك لا ينبغي أن نتوقع حدوث موجات حرارة قياسية حول العالم لإنهاء التأكيدات على أن تغير المناخ، حتى لو حدث، فإنه لا يمثل مشكلة كبيرة. ولا ينبغي لنا أن نتوقع من الجمهوريين أن يخففوا من معارضتهم للعمل المناخي، بغض النظر عما يحدث في العالم.
ما يعنيه هذا هو أنه إذا فاز الحزب «الجمهوري» بالسيطرة على البيت الأبيض والكونجرس في العام المقبل، فمن المؤكد أنه سيحاول تفكيك مجموعة دعم الطاقة الخضراء التي شكلتها إدارة بايدن والتي يعتقد الخبراء أنها ستؤدي إلى خفض كبير في الانبعاثات.
شئنا أو أبينا، فإن الطقس قضية سياسية. ويجب على الأميركيين أن يدركوا أنها واحدة من أهم القضايا التي سيصوتون عليها في نوفمبر المقبل.
بول كروجمان
أكاديمي أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»